سؤال صعب يراودني …أوجهه لشيوخنا الأجلاء ..( ما الذي يجعل الشخص الذي يقرر بنفسه انهاء حياته ..فيخطط ويدبر ويفخخ جسده عن قصد ويذهب الى موقع يتواجد فيه مجموعة من الابرياء ..ليفجر نفسه ..فينهي حياته وحياة اخرين معه لا ذنب لهم غير اختلاف العقيدة والمعتقد؟؟ واحيانا اختلاف المذهب لا غير …ما الذي يجعل هذا الانسان شهيدا؟؟؟؟؟) ..وما الفرق بينه وبين من مات منتحرا لأسباب اخرى (دنيوية)!!!
شاهدت بالامس تقريرا بثته احدى القنوات الاجنبية عن تدريب الصغار ضمن احدى الجماعات المتشددة ..اطفال في عمر كان يجب فيه ان يلعبوا ولا يحملوا هما لامر ما ..تجدهم في ذلك الفيديو يربطون شارات الموت على رؤوسهم ويجلسون مقطبي الوجوه يستمعون الى احد الرجال الذي يدربهم على اساليب القتال …بعد اداء الصلاة في جماعة… فبدلا من ان يصبح الدين وسيلة لحياة افضل ونظرة للوجود بصورة أعمق ..يصير أسرع طريق للموت ..تحت شعار (مت ومعك اخرون )
…لماذا لا يخطر على ذهن أؤلئك الشباب أنهم بحياتهم يمكنهم ان يرشدوا غيرهم الى الطريق القويم ويمكنهم ان يكونوا سببا في دخول غيرهم الجنة ..بدلا من ان يزفوهم الى النار أفواجا!!!!؟؟؟..أذكر انني قرأت قصة عن حوار اجراه الشيخ الشعراوي رحمه الله مع احد الشباب التكفيريين ..يقول الشعراوي للشاب (اذا ذهبت وفجرت نفسك في باب ملهى راقص لليهود ومات زمرة منهم ..الى أين يذهبون؟).. قال الشاب بثقة (الى النار طبعا)..فسأله الشيخ ( والشيطان ؟؟ الى أين يقودهم؟؟) ..رد الشاب (اكيد الى النار ) ..فقال الشيخ بسخرية (أذن ..انت تشترك مع الشيطان في ذات الهدف)..
هل انا مخطئة ؟؟ ام ان كل الديانات السماوية حرمت النفس وقتلها …وانها شرعت العبادات لتهذيب النفس البشرية وجعلها تسمو على الصغائر ليسهل معها العيش على الأرض!! فالصلاة تسمو بك في عالم الروحانيات ..والصيام يجعلك تترفع عن الشهوات وتتذكر ألم المحرومين ..والزكاة تجعلك تساهم في رفع حدة الفقر والعوز عن اخرين .كل العبادات شرعت لجعل الحياة افضل …ولم يكن الموت مطلبا يوما ما …الم يتحسر النبي صلى الله عليه وسلم ..عندما رأى جنازة الكافر ..وقال (نفس أفلتت مني الى النار )!!! متى صار تفويج الاخرين الى النار مجدا ؟؟ وقرار انهاء الحياة شهادة؟؟ ..وكيف يتم اقناع هؤلاء الشباب بترك اهاليهم والسفر الى جهات بعيدة للجهاد بدون اذنهم !! الم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نصح ذلك الشاب الذي أراد الاشتراك في غزوة ..نصحه بان يرجع ويجلس عند قدمي ابيه وامه…اليس هذا هو الأسلام الذي نعرفه ..ام ان هناك شئ اخر لم نطلع عليه.
شيوخنا الاجلاء ..الشباب يتسرب من بين أيدينا ..خيرة فلذات الاكباد تتناوشهم الافكار الخطيرة من الجهتين ..هلا جلستم اليهم ..هلا عقدتم المناظرات والحجج ..هلا اقتحتم اركان النقاش وازلتم ما التبس من فكر …اتمنى ان تنتظم رمضان محاضرات وبرامج تلفزيونية تناقش هذه الافكار وتفند حججها …اتمنى ان نصل مع الشباب الى كلمة سواء …ورمضان كريم و وو صباحكم خير
د. ناهد قرناص