تطورات متلاحقة شهدتها الأزمة الأوكرانية خلال الأيام الماضية، ولات حين انفراجة لهذه الأزمة التي دخلت شهرها الثاني ولا تزال أرتال المتظاهرين تحتل ميدان الاستقلال وبعض المقرات الحكومية وسط العاصمة كييف في ظروف مناخية قاسية جدا.
ومع القرارات الحكومية المتسارعة التي اتخذت شكل التنازلات لامتصاص غضب الشارع إلا أن المعارضة لا تزال تراهن على أن التظاهر والاستمرار في الاحتجاجات من شأنه تحقيق مكاسب أكبر تصل إلى استقالة الرئيس يانوكوفيتش الذي لم تشفع له استقالة رئيس الحكومة ميكولا أزاروف ولا إلغاء قوانين تحظر التظاهر أقرها البرلمان لتهدئة الاحتجاجات.
ولكن التطور الأبرز هو دخول الرئيس فيكتور يانوكوفيتش إجازة مرضية، واضعا البلاد على أعتاب فراغ سياسي، ربما سرّع من وتيرة التغيير في الوضع السياسي في البلاد.
فقوة دفع الشارع والتحذيرات المبطنة التي أرسلتها القوات المسلحة أمس الجمعة من شأنها أن تدفع الأحداث نحو اختراق كبير في غضون الأيام القليلة المقبلة؛ ففي رد فعل يستبطن تحذيرا واضحا دعت القوات المسلحة الأوكرانية، أمس الجمعة، الرئيس يانوكوفيتش إلى اتخاذ “تدابير عاجلة لإرساء الاستقرار” في البلاد.
الرئيس يانوكوفيتش الذي يعاني مشكلات في الرئة وارتفاع درجة حرارته رغم برودة الطقس يعانى مشكلات سياسية أخطر، فرغم التنازلات التي قدمها بإجازة مشروع قانون قدمه حزب الأقاليم الحاكم، للعفو عن المعتقلين إلا أن المتظاهرين أعلنوا أنهم ماضون في الاحتجاجات حتى تنحي يانوكوفيتش عن الرئاسة.
دوليا، مع استمرار الاحتجاجات والتعامل العنيف من قبل الشرطة معها يتصاعد السند الدولي للمحتجين في مقابل عزلة الرئيس يانوكوفيش حتى من أعز الأصدقاء والحلفاء فقد زاد الرئيس الروسي بوتين الضغوط على أوكرانيا بالقول إن روسيا ستنتظر إلى أن تشكل أوكرانيا حكومة جديدة قبل أن تنفذ بشكل كامل اتفاقا لمساعدات بقيمة 15 مليار دولار تحتاجها كييف بشدة، يأتي التحول الروسي في نبرة التهديد البماشر لحليفه يانوكوفيتش في وقت تجهز فيه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عقوبات مالية قد تفرض على مسؤولين أوكرانيين وزعماء الاحتجاجات إذا تصاعد العنف في الأزمة السياسية التي تحكم بخناق أوكرانيا..
وحذرت الخارجية الألمانية الرئاسة الأوكرانية من اللعب على عامل الوقت، مطالبة إياها بالإيفاء بالوعود التي قدمتها للمعارضة والحركة الشعبية الاحتجاجية
وصرح رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك أمس، بعد اجتماع مشترك لرؤساء وزراء دول وسط أوروبا، بأنه “يجب على أوروبا ألا تدير ظهرها لاوكرانيا التي تعاني أزمة، وينبغي أن تقدم مقترحات تؤدي إلى حل جيد لمشاكلها
ولكن السؤال الذي يطرح بشدة: ما هي انعكاسات خطوة الرئيس الذهاب في إجازة مرضية في هذا التوقيت على الأزمة وفرص حلها أو تعقيدها؟
الأيام المقبلة ستجيب عن هذا السؤال وما إذا كان مرض الرئيس عضويا أم سياسيا..
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي