على ذمة الواتساب (تسبب العذاب) يتداول مقطع لفيديو أبطاله سودانيون مغتربون بالمملكة العربية السعودية من داخل مبنى السفارة، وفي الجزئية تحديداً الخاصة بـ(الحمامات) المرفق المهم جداً لزوار السفارة لقضاء حاجاتهم أو للوقوف من أجل أداء الصلاة، وللذين يعتقدون أن (الحمامات) هذه ليست قضية تستحق النقاش، أقول لهم إن بريطانياً قد فاز قبل عدة سنوات بجائزة كبيرة بعد إجابته على سؤال عن ما هو أهم الاختراعات التي تهم البشرية، فكانت إجابته أن (الحمام) هو واحد من أهم اختراعات البشرية التي تخدم الإنسان. وكدي عملياً فليجرب أحدكم أن يسكن في منزل لمدة (48) ساعة بدون حمام والإجابة بالطبع معروفة.
المهم أن مقطع الفيديو أوضح أن المياه مقطوعة هناك لما يقارب الشهر وأن السفارة لم تتحرك على الإطلاق لحل المشكلة، وهي تشاهد رعاياها يشترون زجاجة المياه الصحية بريال من أمام مبنى السفارة لاستخدامها في ظل انقطاع مياه لا مبرر له.. اللهم إلا إن كانت السفارة السودانية تستمد مياهها من الهيئة القومية لمياه المدن من الخرطوم (دايركت) كده ممكن، وفي ما عدا ذلك فهو تهاون وتراخٍ إداري من المسؤولين عن السفارة الذين فشلوا في تقديم أبسط خدمة للسودانيين هناك، لدرجة أن أحدهم وهو غاضب جداً طالب السفير بأن يوفر كوم رملة في حرم السفارة من أجل التيمم. والصورة كادت أن تنفذ منها الروائح الكريهة التي سجلتها عدسة الموبايل، والنظافة في أدنى مستوياتها في مشهد قبيح لا يليق بمستوى سفارة تمثل بلادها وشعبها!!
أعتقد أن الرجل المحترم البروفيسور “غندور” لن تواجهه كوزير للخارجية إشكاليات متشابكة للأداء الدبلوماسي فقط فيما يخص علاقاتنا مع الدول الخارجية، ولكن ستواجهه مشكلة ضبط الأداء الإداري داخل السفارة نفسها، وبعضهم للأسف يعتقد أن العمل الدبلوماسي هو نوع من الوجاهة الاجتماعية والمناصب التي تجعل لصاحبها رونقاً وتميزاً، في حين أن الدبلوماسي برأيي هو رسول لدولته وشعبه أمام الآخر لذلك ينبغي أن يكون (مُكملاً) في كله خلقاً ومظهراً وأداءً.
وأنا شخصياً وللأسف شاهدت بعض من يعملون في مواقع حساسة في بعض السفارات لا علاقة لهم بالأناقة ولا تناسق الألوان. ما قلنا للواحد يلبس من (كريستيان ديور) لكن على الأقل ليس معقولاً أن يمارس مهامه وهو يرتدي بدلة اشتراكية وينتعل (شبشب مفتوح). في كل الأحوال الأداء الإداري إن كان داخل السودان أو خارجه أصابته أمراض الطفولة على كبر، ولا بد من ثورة حقيقية لأداء إداري ملتزم الشعور فيه بالمسؤولية من أول الأولويات والإحساس بالواجب أمر مفروغ منه. ولعل التشاؤم بأداء الخدمة المدنية وسلحفائيتها وصل حد أن يزود المواطن بنصائح ساخرة قبل أن يتجه إلى أي مصالح، من شاكلة إذا كان عندك إجراء حكومي في مصلحة من المصالح فأولاً اتعشى كويس ونوم بدري وأصحَ بدري مع بتاع اللبن، وشيل أوراقك كلها وصورها (14) مرة وشيل شهادة ميلادك وشهادة وفاتك وشيل شهادة الجامعة وشهادة الابتدائي والروضة لو موجودة وشيل شهادة سكن وشهادة شكر وتقدير وأي شهادة أدوك ليها من ولدوك، وشيل صورة ملونة وصورة أبيض وأسود وصورة سيلفي وشيل كاميرا احتياطي وشيل الرقم الوطني ورقم جلوسك ورقم المنزل ورقم العداد ورقم بت الجيران وشيل فصيلة الدم وشيل حبة دم في كيس وشيل قروشك كلها ودهب أمك وتدين من بتاع الدكان، وما تنسى الفكة بتاعت الدمغات وشيل كرتونة أقلام عشان حيستلفوها منك وشيل معاك عمود أكل وزمزمية، وفرشة ومعجون وبجامتين.. وشيل الصبر وشيل الفاتحة وربنا يلزمنا وإياكم الصبر.
كلمة عزيز
في كل دول العالم يتم التظاهر وإبداء الرأي المعارض بصورة حضارية، وبعض المتظاهرين يعلنون مواقفهم الرافضة بلافتات مرفوعة دون ضوضاء أو تعطيل للحركة أو توقيف لدولاب العمل. ولنفترض أن لأهلنا في الجريف مطالب عادلة وعاجلة، إلا أن إبداء الرفض بشكل عنيف وسياسة قفل الطرق وحرق الإطارات، لا يؤدي إلا للعنف الذي يفقدنا أرواح شباب سوداني ما كان ينبغي لها أن تروح إن كان من المواطنين أو الشرطة، وللأسف الشديد أن حالنا وصل حداً من السوء.. أننا مثلما لا نحسن كثيراً الحكم لا نحسن دائماً المعارضة، اتقوا الله في الأبرياء خاصة للعايزنها جنازة ويشبعوا فيها لطم.
كلمة أعز
النيل الأزرق خطت خطوات جيدة في طريقة استحداث برامجها خاصة في رمضان القادم، وأحسب أن رمضان سيكون الخطوة الأولى لخارطة برامجية محترمة للشهور القادمة. ما لا أفهمه هو إتاحة الفرصة لمذيعات أقل بكثير من مستوى الإطلالة على شاشة مشاهدة كشاشة النيل الأزرق. أمس الأول شاهدت المذيعة “ثهيلة” أقصد “سهيلة” تقاطع مداخلة الدكتور “عبد القادر سالم” وهو ينعي الراحل “صديق عباس” وقالت له بالحرف الواحد (ثديق عباس” من فناني الحماث) وهي بالتأكيد تقصد التراث ودي ما مشكلتي، مشكلتي كيف تطل مذيعة ولها مثل هذا العجز الواضح في الحروف والنطق.