تحدثنا بالأمس عن أزمة المواصلات، وأنه الملف الأهم الذي ينبغي أن يتحرك في إنجاز حلوله والي الخرطوم الجديد الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين”.
الملف الثاني : صحة البيئة والنظافة، والتجميل والسياحة .
وفي رأيي أنها عناصر مرتبطة لا تنفصم عن بعضها، وتتصل في النهاية بملف الصحة وهو الملف الثالث في هذه الحلقات، إذ أن تدهور صحة البيئة يعني تدهور صحة إنسان ولاية الخرطوم وسقوطه فريسة للميكروبات المسببة للملاريا، التيفويد، الحميات الأخرى، النزلات المعوية وانتهاءً بداء الفيل الذي تنتقل عدواه بين الناس عن طريق البعوض!!
أنا متأكد أن آليات النظافة بالولاية ستشقى مع الفريق “عبد الرحيم”، لأنهم سيكتشفون بعد أيام أنه وسط مواقع تجمعات النفايات في الأحياء والمربعات، ومقالب القمامة في الأطراف، بينما هم غائبون!!
أمام مبنى صحيفة (المجهر) التي تدفع مبلغاً شهرياً يعادل مرتب موظف في الحكومة لفاتورة النفايات، قد تبقى أكياس القمامة السوداء متكدسة لأسابيع دون أن تأتي جهة لتجمعها، وعندما تسأل يقولون لك: (العمال مضربين .. ما أدوهم قروشهم)!! الأعجب أن موظف التحصيل لا يتوقف عن المطالبة بالرسوم، في وقت يتوقف فيه العمال عن النظافة!!
ورغم علمي بأن الضغط بل الانفجار السكاني في الخرطوم هو واحد من مسببات العجز عن تحقيق مستوى لائق من بيئة معافاة، إلا أنني أعتقد أن مستوى (السلوك الحضري) لمواطن ولاية الخرطوم ينعكس سلباً وإيجاباً على مستوى نظافتها .
ولا شك أن الخرطوم قد (تريفت) خلال السنوات الأخيرة، عندما فقدت الولايات أدنى مقومات الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم والمياه النظيفة – ولا أقول الصحية – وحتى التغذية .
ولايات عديدة بها (ولاة) ووزراء صحة وميزانيات .. ولاندكروزرات وبيارق .. وهيلمان .. ولا تجد فيها طبيباً اختصاصياً (واحداً) للعظام أو العيون .. أو القلب!! على من يستوزر وزير الصحة وليس تحته غير قلة من أطباء الامتياز والعموم؟!!
فإذا رفض دكاترتنا الذهاب للولايات لمبررات مختلفة من أهمها عدم توفر البيئة وضعف المخصصات وانعدام الأجهزة والأدوات، فلتستجلبوا دكاترة اختصاصيين من كافة التخصصات من “الهند” و”الفلبين” و”مصر” .. و ربما كانت تكلفتهم أدنى من دكاترتنا .. ما المانع ؟!
ومن قبل فعلها “محمد طاهر أيلا” .. أذكر أنه دعاني في العام 2008 لزيارة ولاية البحر الأحمر، وكنت وحيداً .. أتجول بين المرافق ومدن وأرياف الولاية وأسأل، فوجدته قد استقدم (11) طبيباً اختصاصياً من “مصر” ليعملوا في مستشفى “عثمان دقنة” المرجعي!!
دعوا أطباءنا يهاجرون للسعودية بعد أن صرفت الدولة على تخصصات بعضهم ملايين الدولارات، وآخر دفعة كانت في “القاهرة” ابتعثهم وكيل الصحة الأسبق د. “كمال عبد القادر”، وكانت تضم (500) طبيب، كلفت دراستهم هناك نحو (نصف مليون دولار) شهرياً!! أين هم الآن؟! معظمهم لسوء إدارة ومعاملة الوزارتين الاتحادية والولائية .. غادروا إلى السعودية!!
النظافة .. والتجميل .. والسياحة من أهم الملفات التي يمكن أن يحقق فيها الوالي الجديد للخرطوم نجاحات ملموسة بتعاون المجتمع مع الجهات المشرفة .
المسطحات المائية حول مدن العاصمة الثلاث المتمثلة في النيلين الأبيض والأزرق ثم النيل المتحد، يمكن أن تتحول لمناطق جذب سياحي يدر مليارات الجنيهات (بالجديد) لخزانة الولاية، وأعيد هنا التذكير بمشهد (النافورة الملونة الراقصة) في “مول دبي” بالإمارات، وكيف أفلح الإماراتيون في استقطاب (الخواجات) قبل العرب للوقوف كل (ربع ساعة) لمتابعة عرض جديد لنافورة راقصة على أنغام هندية أو غربية أو عربية!! ما الذي يمنع من استجلاب أجهزة النوافير من الصين أو غيرها، وتوزيعها على شواطئ أم درمان، الخرطوم وبحري؟!
الأزمة في الخيال .. في الأفكار .. وليس في المال.