أولا أعترف لكم أنني فاشل في التكنولوجيا، وإن كنت أجيد استخدامها ولكني لا أعرف أسرارها ولا تفاصيلها.. أي أنني أستطيع استخدام الموبايل، ولكنني أذهب للمحلات المتخصصة كي أنقل المعلومات أو الأسماء من جهاز إلى جهاز آخر، وبناء على إلحاح الكثيرين ومنهم زوجتي، وأيضا لضرورات الحياة التي تجبرنا على تغيير أجهزة التلفون المحمول كلما ظهر نوع جديد أو اختراع جديد، لهذا حاولت أن أتعلم ويا ليتني لم أتعلم.
فعندما كنت في الكويت أشارك في الملتقى الإعلامي العربي أحضرت لزوجتي جهاز آيفون جديدا عالموضة بجلد تمساح أرعب الناس يوما، ثم حولوه إلى أحذية وشنط وإكسسوار جوالات.. المهم أن الآيفون فيه أبليكيشن اسمه آي كلاود (I Cloud)، وعلمني أحد مهندسي الكومبيوتر كيف أنقل المعلومات أو الداتا كلها من الجهاز القديم إلى الجهاز الجديد بكبسة زر من خلال الآي كلاود.. وبعد سويعات جاءتني زوجتي، وقالت إن الجهاز الجديد فيه الرسائل النصية والصور الجديدة وحتى المحذوفة والاتصالات الواردة والذاهبة والغائبة، وحتى الصفحات التي سبق وزارتها على الإنترنت في جوالها القديم، أي باختصار فيه كل أسرار حياتنا وتفاصيلنا وكلمات السر لبريدنا الإلكتروني وتويتر وإنستغرام وسناب شات، والأهم فيه كلمات السر لحساباتنا البنكية وبطاقات الائتمان، وأين ذهبنا وكم مشينا ومع من تحدثنا ومن راسلنا وماذا قلنا وماذا قيل لنا..
بدون شك الصورة مرعبة ومرعبة جدا، لأن أي شخص يستطيع سرقة كلمة السر للآي كلاود يكون قد وصل إلى كل تفاصيل حياتك الشخصية والمهنية، وأيضا يستطيع الوصول لمدخراتك التي عملت طيلة حياتك كي تصون بها شيخوختك، وتساعدك على مستقبل أولادك.
الصورة مرعبة ومرعبة جدا إن ضاع جوالك، وهو أمر وارد جدا جدا ووقع بين أيدي من يستطيعون فك شفرته أو الوصول “لآي كلاودك”، وأعرف أن هناك من سيعطيني درسا في كيفية إيقافهم أو حماية الجوال، ولكننا لسنا كلنا خبراء ذرة أو علماء في فن الهاكرز، أو إيجاد برامج الحماية، فثلاثة أرباع من يستخدمون الموبايل هم بسطاء مثلي ومثلكم، ونحن وضعنا ثقتنا وسلمنا رقبتنا لمن اخترعوا هذه الأجهزة التي تستطيع تسجيل سكناتنا وحركاتنا وأحاديثنا حتى والأجهزة مطفأة..
قد أكون ساذجا وجاهلا بالتكنولوجيا، وقد يبدو أنني أهوّل الأمور، ولكن هناك في مكان ما من هذا العالم أجهزة ودول وأشخاص ومخابرات قادرون على سحق خصوصيتنا وحياتنا إن أرادوا وبكبسة زر، وللأسف بمساعدتنا وحتى برضانا.