ايلا.. امتحان عسير!!

نكتة منتجة حديثاً من مصانع الشعب السوداني للنكات السريعة.. ملأت أثير (الواتساب) أمس تقول.. )أدروب قال: رأس السنة القادم في مدينة ود مدني(.
هي إشارة ذكية لمفاجأة نقل د. محمد طاهر ايلا إلى ولاية الجزيرة.. بعد أن حقق نجاحاً مشهوداً في ولاية البحر الأحمر حتى صارت قبلة السياح و(المروسين).
والحقيقة التي قد لا يعلمها أدروب (صاحب النكتة) أن ود مدني كانت في يوم من الأيام قبلة السودان السياحية. وكانت مهبط (العرسان) في شهر العسل.. وحازت على (أوسكار) الأغاني السودانية من زحام القصائد التي تغزلت فيها، والفنانين الذين نبتوا في تربتها قبل أن تختطفهم أضواء الخرطوم.
لكن الزمن جار على الجزيرة ومدني عاصمتها.. الجزيرة التي كانت تكفل السودان كله مرتين.. مرة بما يدره مشروع الجزيرة من عُملة صعبة.. وثانية بعدد من يعملون في مشروع الجزيرة في مختلف الوظائف ومن مختلف القبائل والشعوب السودانية.
في تقديري.. الوالي ايلا ستتوفر له عوامل نجاح في الجزيرة أكثر كثيراً من البحر الأحمر.. صحيح هناك مارس مبدأ (سندق الصخر.. حتى يخرج الصخر لنا زرعاً وخضرا..) فنهض بولاية البحر الأحمر.. لكن (الجزيرة غير)!! فعلاوة على الموارد الطبيعية المتوفرة فيها حالياً فهي جارة الخرطوم.. أكبر سوق استهلاك في السودان.. وكانت تسمى (الإقليم الأوسط) لتوسطها أقاليم السودان.
كل الذي تحتاجه ولاية الجزيرة هو (الفكرة الذكية).. فكرة تعرف من أين تبدأ وإلى أين تسير.. ولحسن الحظ فإن ذلك كان مربط الفرس لنجاح ايلا في البحر الأحمر.. صنع الفكرة الذكية واستلهم خارطة طريق وفق رؤية واضحة.
كلمة السر في نجاح ايلا في البحر الأحمر كانت إجادته اللعب في المساحة الفاصلة بين (الكونفدرالية) و(الفيدرالية) .. ايلا في البحر الأحمر كان يخطط بفكر مستقل عن الخرطوم.. ولذا نجح في وقت كان فيه غالبية زملائه الولاة يعملون مجرد (موظفين) منتدبون لخدمة المركز.
ولئن كان عنوان التنمية في البحر الأحمر (السياحة) فهنا في الجزيرة (الزراعة).. فالجزيرة هي (هولندا) السودان.. تستطيع أن تتحول إلى أغنى ولاية بإنتاجها النباتي والحيواني..
صحيح مشروع الجزيرة هو ملف اتحادي.. لكن الأصح أن أصحاب المصلحة هم في المقام الأول سكان ولاية الجزيرة.. شعب ايلا الجديد.. نفس الوضع الذي وجده ايلا في الموانئ في البحر الأحمر فهي اتحادية لكن أصحاب المصلحة المباشرة هم شعب البحر الأحمر.
من الحكمة أن يوطن ايلا الصناعات الغذائية في ولاية الجزيرة.. فعلاوة على كونها تلائم طبيعة الجزيرة الصناعية فهي في متناول أكبر سوق استهلاك في السودان، العاصمة الخرطوم.. وتوفر فرص عمل كبيرة لسكان ولايته الجديدة.
لا أتمنى أن تكون كلمة (مبروك) لأهل الجزيرة رديفة لكلمة (البركة فيكم) لأهل البحر الأحمر.. على عاتق والي البحر الأحمر الجديد على حامد أن يجتاز الامتحان بامتياز..

Exit mobile version