ودعتكم الله حيجيكم إبراهيم محمود”، هكذا داعب إبراهيم غندور جلسة الصحافيين داخل قاعة الانتظار، بالمركز العام، قال الرجل ذلك وهو يوزع ذات الابتسامة على الوجوه، وكأنه يريد أن يستقرئ واقع ما حدث على الإعلام.. لم تكن مفارقة غندور لموقع الرجل الثاني في الحزب مستغربة فالتسريبات التي خرجت كانت صادقة، رغم أن الرجل لم يخرج من الباب مبتعدا وتولى مقعده في وزارة الخارجية واجهة الدولة.. بهدوء تام خرج المشير عمر البشير من الاجتماع الذي استمر لساعتين تقريبا، لم يقل شيئا للصحافيين مثل ما حدث في الاجتماع السابق، عندما قال مداعبا: “مافي أي تصريحات”..
بعيد صلاة جماعية وكأنها صلاة مودعين للمواقع جاء إبراهيم محمود حامد نائب رئيس الحزب، الرجل خيب ظن المنتظرين لكونه امتنع عن ذكر الأسماء واعتبر أن ذلك مخالف للنظم، ويبدو أن محمود أراد أن يعطي مؤشرات عامة حول فترته وملامحها، سريعا لخص النقاط الجوهرية في خطاب الرئيس أمام البرلمان، وقال إن الحكومة تسعي إلى بناء استقرار أمني وسياسي وتأسيس دستور دائم يتوافق فيه أهل السودان جميعا، لنبذ الاقتتال وتحقيق الأمن.
لم يكن اجتماع القيادي بحثا عن الشخصيات وتوليفا للأسماء وإنما كان ينظر في البرامج وكيفية تنفيذها، وفقا لمحمود الذي أكد أن المؤتمر الوطني استطاع أن يتوافق مع جميع الأحزاب على نسبة 30% لمشاركتها في الحكومة، منوها لأن حزبه ليس لديه مانع من إشراك من هم خارج الحكومة إذا توصلوا إلى توافق، وأضاف: “عبرنا مرحلة كيفية تكوين الحكومة”، ملامح الحكومة بحسب محمود هي خروج معظم الوجوه التي مكثت فترات طويلة وهذا هو ديدين المؤتمر الوطني للمرحلة المقبلة بأن لا يظل المسؤول في موقعه لأكثر من خمس سنوات، فضلا عن عدم احتفاظ أي وال بموقعه سوى ثلاثة ولاة، يشير محمود إلى أن التركيز كان على القطاع الاقتصادي الذي تم تغيير كل وزرائه باستثناء واحد، وكذا القطاع السيادي الذي يشمل الدفاع، الخارجية، العدل، والداخلية بحيث لم يبق إلا وزير الداخلية.
أكد إبراهيم على مواصلة الحوار الوطني فضلا عن برامج تحقيق الاستقرار والرفاهية للشعب، منوها إلى أن الحكومة الجديدة ستعمل بروح الفريق الواحد ولا ينبغي لأي وزير أن يمارس عبقريته ويعمل لوحده، وقال محمود إن الحكومة لا ينبغي أن تكون حكومة مشاكسة بقدر ما هي حكومة برنامج وتوافق. وهذا وفقا لمحمود يعقبه تغيير في أمانات المؤتمر الوطني وفقا للمرحلة الجديدة.
بين السخط والرضى تفاوتت مشاعر الكثيرين سواء من عضوية المؤتمر الوطني أو الآخرين، فمنهم من اعتبر أن التعديلات حملت مفاجأة لكونها جاءت بأسماء جديدة، خاصة في ملف الولاة الذين تبدلت مواقعهم، شرقا وغربا، ويبدو واضحا أن الخطة جاءت وفقا للمناداة بأن لا يعين الوالي من أبناء الولاية، بالتالي جاءت التعديلات، وكانت أكثر المفاجآت هي ولاية الخرطوم التي اعتلى عرشها وزير الدفاع عبدالرحيم، وكذا المفاجأة الأخرى الدفع بمحمد طاهر أيلا واليا للجزيرة من البحر الأحمر، وآدم الفكي واليا لجنوب دارفور من جنوب كردفان، والانتقال بأبوالقاسم بركة من غرب دارفور نائبا للوالي إلى وال لولاية غرب كردفان، ثم المجيء بالضو الماحي واليا لسنار من ولاية القضارف، والدفع بميرغني صالح واليا للقضارف، واحتفظ ثلاثة ولاة بمواقعهم تصدرهم أحمد هارون والي شمال كردفان، وحسين ياسين والي النيل الأزرق، فضلا عن الشرتاي جعفر عبدالحكم والي وسط دارفور
اليوم التالي