*عصر يوم جميل توجهنا نحو الجبل بغرض تسلقه..
*هو جبل صغير خلف مزارع مصنع كريمة لتعليب الخضر والفاكهة ..
*وكان معنا – إلى جانب صبية حي المصنع – الروسية الصغيرة لينا..
*ثم نفر من أولاد ضاحية العقدة الذين يحملون ألقاب طيور وحيوانات..
*وقد أشرنا مرة إلى شغف أبناء العقدة هذه بالأسماء غير البشرية..
*فهناك الضب والبومة والجقر والكُرجي و (الدجاجي الحاضني)..
*وفي موقع أبناء العقدة الالكتروني قرأت لأحدهم يوماً تعقيباً على كلمتنا تلك..
*كان تعقيباً ظريفاً فيه المزيد مما فاتنا من مسميات (تلصق) بأصحابها العمر كله..
*وعندما بلغنا منتصف الجبل – تقريباً – توقفنا لتواصل لينا الصعود لوحدها..
*توقفنا بـ(ضبنا وبومتنا وجرادتنا ودجاجتنا الحاضنة)..
*والآن حين استرجع ذكرى ذلكم الأصيل انتبه لشيء على قدر من الأهمية..
*فما حال بيننا وبين مواصلة الصعود هو الافتقار إلى الفضول..
*والفضول هذا هو الذي قاد لينا إلى القمة لتقف على ما يُوجد هناك..
*وآنشتاين لديه مقولة مشهورة وهي (من حسن الحظ أن الفضول لا يُعلم في المدارس)..
*ومعروف أن صاحب النسبية كره المدرسة بسبب رتابة مقيدة للفضول هذا..
*فما كل التلاميذ يعجبهم أن يكون هنالك سقف معرفي لما يدرسون من علوم..
*أو هكذا يُشعرهم بعض الذين يتكفلون بمهمة تدريسهم..
*وبدلاً من أن يدرك أساتذة آنشتاين سبب ملله وصفوه بأنه (بليد)..
*ثم نصحوا بتحويله إلى مدرسة مخصصة لذوي القدرات الاستيعابية البطيئة..
*وحكايتنا الخاصة بالجبل هذه توضح الفرق في الفضول بيننا و الدول المتحضرة..
*وأنا هنا لا أعني السودانيين وحسب وإنما أغلب شعوب العالم الثالث..
*فهم مبتكرون – بدافع من الفضول – ونحن مقلدون..
*وشباب زماننا هذا يفلحون جداً- هذه الأيام- في تقليد أغاني الراب الغربية..
*حتى الغناء نكتفي فيه بالتقليد الأعمى رغم إنه غريب على ذائقتنا الموسيقية..
*ويبدو أن جين الفضول ليس من بين الجينات المتوارثة فينا..
*وفي الحالة هذه فنحن مطالبون بأن نجعله فضيلة مكتسبة..
*وكذلك جينات النزوع نحو الحرية عوضاً عن الخنوع للكبت والقهر والدكتاتورية..
*وقد أطلق علماء نفس معاصرون على الخنوع هذا مصطلح (رهاب الحرية)..
*وقالوا إنه صار قاصراً – في زماننا هذا – على الشعوب التي تتهيب الديمقراطية..
*وترضى – من ثم – بأن تكون قطيعاً بشرياً يقوده القاهرون..
*ووصفوا أفراد مثل الشعوب هذه بأنهم (عبيد العصر)..
*وربما لينا هي الآن عالمة فضاء..
*ونحن ما زلنا (أسفل الجبل!!).
الصيحة/السياسي