اليد الواحدة لا تصفق أبداً!!

في زيارته إلى ألمانيا اصطحب الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في الوفد المرافق له عدداً من نجوم السينما المعروفين مثل “يسرا” و”إلهام شاهين” و”شريف منير” وعدد آخر من المبدعين. ومؤكد أن لهذه الرفقة مدلولاتها وإشاراتها التي أراد الرئيس المصري أن يبعث من خلالها رسائل للمجتمع الألماني والأوروبي عن احترام مصر الدولة للمبدعين والفنانين دون حجر أو إقصاء باسم الدين والوصاية، وبعضهم جعل نفسه خليفة الله في الأرض يكفر من يشاء ويدخل الجنة من يشاء.. والحكومة المصرية ليست أول من فطن وآمن بدور المبدعين في كسب نقاط تضاف لمحصلة حراكها السياسي فبذلت الاهتمام والرعاية والدعم، إن لم يكن ذلك من أجل عيون الإبداع نفسه كقيمة فإنه عند بعضهم (استغلال) ذكي لهذه القيمة التي لا تجد من يرفضها أو يختلف عليها.. والفنانون والمبدعون بمختلف أشكالهم ظلوا يمثلون نبض الأمة وترمومتر آمالها وإحباطاتها، لذلك، ولأن الملعب الذي ظل يحتله السياسيون بانفراد كامل ولم يفسحوا المجال فيه لأحد حتى ولو على “كنبة الاحتياطي”، ولأن هذا الملعب ظل يفتقد أحياناً كثيرة للعبة الحلوة والتهديفة المضبوطة، بل وهجره المشجعين الذين فارقوا معظم مدرجاته، لذلك آن الأوان أن يكون هناك دور فاعل وحقيقي للمبدع السوداني فيه.. والفنانون على وجه التحديد ظلوا هم من يشكلون نسيج الوحدة ويعزفون نغمات الوطنية التي سندت هذا البلد في أزماته ووقعاته، وبعضهم الآن ولج ساحة البرلمان في وجود نرجو ألا يكون (ديكورياً)، وقضايا وهموم وتقاطعات الوسط الفني لا تنفصل عن قضايا وهموم وتقاطعات المواطن العادي، وأحسب أن الدولة عليها أن تقتنع أن التأثير والقبول الذي يجده المبدع لدى العامة يفتقده كثير من السياسيين الذين تمثل إطلالاتهم التلفزيونية فقط مصدر إزعاج وكدر لمن يشاهدها.. وبالتالي، ولأن التاريخ سطر صفحات مضيئات لـ”خليل فرح” لا تقل وضوحاً وبريقاً عن التي سطرها لـ”الأزهري” وصناع الاستقلال، فإن المبدعين قادرون لو منحوا المساحة والحرية والبراح أن يشكلوا وجدان الأجيال نحو قيم العمل والخير والسمو فعلاً وقولاً، وأظن أن وفود السياسيين التي (تتطاقش) مرافقة للرئيس أو نوابه آن الأوان أن تفسح بعضاً من مجال للفنانين والمثقفين والكُتّاب الذين يجدون عند الآخر مساحات من المصداقية والإيمان بالطرح والرؤى، لأن المبدع عادة أو هكذا أظن أو هو يفترض أن يكون لا يبيع قيمه ببضعة جنيهات، ولا يمنح تأييده إلا لمن يستحق، وعنده الوطن فوق الجميع وقبل الجميع، وعيب علينا وعار ذميم أن تحتفي كوريا بقائل (الفينا مشهودة) الشاعر الكبير “محمد علي أبو قطاطي” وتصنع له تمثالاً وهو غريب يد ولسان عنها، وهو ومثله يجدون التجاهل والنكران وعدم التقييم.
في كل الأحوال آن الأوان أن يقتنع من يقودون هذه البلاد أن عجلتها لا تدفع فقط بأيدي السياسيين الذين عليهم إفساح المجال لأفكار وأصوات الآخرين.. واليد الواحدة لا تصفق أبداً.
{ كلمة عزيزة
ساقتني قدماي أمس إلى مستشفى سوبا الجامعي لزيارة إحدى قريباتنا هناك، وفركت عيني عشر مرات لأتأكد هل أنا في مستشفى داخل الخرطوم وجامعي كمان أم أننا في واحدة من مناطق النزاعات في العالم تم فيها هجر المستشفى والرحيل عنه.. ودعوني أقول إن ما شاهدته لا علاقة له بالصحة من قريب أو بعيد.. المستشفى غاية في السوء والتردي في المظهر لدرجة أن الأبواب وكأنها قد تعرضت لغارات جوية أفقدتها الجمال والصلابة، أما العنابر فحدث ولا حرج والأسرّة وكأنها خرد مواسير منتهية الصلاحية.. الزوار يتكدسون أمام كشك بائس لقطع التذاكر دون أن يجدوا حتى مظلة يستظلون بها من هجير الشمس.. أعتقد أن مستشفى سوبا هو وصمة عار في جبين وزارة الصحة الاتحادية والولائية وينسف أي حديث يتباهى به أحدهم عن أن الصحة شهدت تطوراً في عهده.. ألحقوا مستشفى سوبا الذي بدأ فزعة وأصبح أكيد وجعة.
{ كلمة أعز
أعلنت قبل أيام وزارة التربية والتعليم عن إغلاقها مدارس عشوائية وكأنها تقوم ببطولة تستحق عليها الشكر، والمفترض أن هذا اعتراف بوجود مدارس عشوائية في الفترة الماضية كانت تمارس مهامها.. لكن السؤال: كيف منحت تصاديق؟ وكيف ظلت تعمل طوال الفترة الماضية دون مراجعة؟!

Exit mobile version