في 2012 طلبت من أحد قيادات المؤتمر الوطني المشاركة في مناظرة تلفزيونية بفضائية الخرطوم الطرف الثاني فيها الأستاذ كمال عمر المحامي الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كان رده ودون أي تفكير (طبعاً ما حا أجي لو جبت معاي الزول دا).. ولم أكن في تلك اللحظة قد اتصلت بالأستاذ كمال عمر، لكنني تفهمت موقف الرجل بسبب مواقف كمال عمر المتطرفة جداً ضد المؤتمر الوطني في تلك الفترة ..
كمال عمر كان قد وصل درجة من التطرف في معاداة المؤتمر الوطني جعلته يقول في إحدى المقابلات الصحفية معه: “ممكن أبقى ملحد أو يهودي لكن ما أبقى مؤتمر وطني” وكان في تلك الفترة يقول في الوطني أكثر مما قاله مالك في الخمر ..
وأعتقد أن كل انفعالات كمال عمر السياسية ضد المؤتمر الوطني في تلك الفترة كانت عبارة عن محاولات لإزالة شكوك اليسار التقليدية تجاهه وتجاه أي حليف إسلامي معهم، وظلت الشكوك وعدم توفر الثقة هي الموقف الانطباعي الثابت تجاه كل الإسلاميين المعارضين للإنقاذ أو حتى حزب الأمة الآن أو في المرحلة السابقة قبل خروج حزب الأمة من التحالف وعودته مرة الأخرى عبر بوابة نداء السودان.. لم يتمكن لا الترابي ولا الصادق ولا غازي صلاح الدين من مغادرة سجن الاتهام داخل أراضي المعارضة وساحتها مهما كانت درجة انسجام مواقف أي منهم مع موقف المعارضة لأن نفسية تحالف المعارضة ظلت محكومة في كل مراحلها بانطباعات وأدبيات ووساوس القوى اليسارية داخلها، والتي أعتبرها إحدى أخطر مشاكل تحالف المعارضة أنه يستبطن مواقف إقصائية حادة في داخله ..
كمال عمر تحديداً كان وبحكم الدرجة البعيدة من التطرف التي وصل إليها أثناء وجوده داخل التحالف في تلك الفترة والتي كانت قد أهلته لتولي منصب الناطق الرسمي لتحالف قوى الإجماع الوطني في وقت من الأوقات كان هو القيادي الإسلامي الوحيد الذي نجح في كسب ثقة اليسار نسبياً واستثناءً.. ولكن بعد جهد جهيد .
هذا الموقف القديم لكمال عمر هو الذي يدفع ثمنه الآن بتركيز الهجوم عليه من قوى التحالف، ووصمه بالكذب والنفاق .
الانتقال من موقف إلى موقف في عرف السياسة السودانية ليس أمراً نادراً أو شاذاً لتلك الدرجة، وهو حالة من التطوير للموقف بحسب موقف الطرف الثاني والخصم السياسي نفسه أو حسب تطورات الموقف السياسي العام ..
لكن مشكلة كمال عمر كانت تكمن في الغلو والتعصب والحدة التي يفرض بها السياسي على نفسه حصاراً محكماً داخل موقفه المحدد.
كونوا أكثر مرونة في مواقفكم مع أو ضد.. كونوا متوازنين، فالمتوازنون في مواقفهم لا يعانون كل هذه المعاناة التي يعيشها الأستاذ كمال عمر الآن والتي قد تنتقص عند الكثيرين من قدره السياسي أياً كانت مواقفهم.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.