على عكس ما يظن البعض، ربما أدت مشاركة عدد كبير من الأحزاب في الحكومة الجديدة، إلى إضعافها وعدم تناغم مكوناتها، فضلاً عن ترهلها المتوقع بتقسيم الوزارات المدمجة وتشطيرها مرة أخرى، لإدخال أكبر عدد ممكن من ممثلي الأحزاب في الوزارات. ولهذا أتوقع قسمة وزارة الكهرباء والموارد المائية إلى وزارتين؛ واحدة للكهرباء والثانية للري والموارد المائية .. مثلاً .
ثم سيكون هناك حشد أكبر من سابقه في قوائم وزراء الدولة على سبيل الترضيات والموازنات.
ومن أسف، أن عدداً مقدراً من وزراء الدولة منذ أن تم تعيينهم وإلى حين مغادرتهم، لم يعرف أحد اسماً لهم ولا رسماً، ولا فعلاً، جلسوا .. ومضوا دون أن يفهموا .. دعك من أن يفعلوا شيئاً .
أنا شخصياً لم يحصل لي الشرف بالتعرف على وزيري الدولة برئاسة الجمهورية الأخيرين، ولا وزيري الدولة بوزارة مجلس الوزراء، ولا وزير الدولة بوزارة المعادن أو الاستثمار أو التجارة أو الصناعة أو التعليم .. من هم وماذا كانوا يفعلون؟ وهل ظلمهم الوزراء أم ظلمتهم الدولة بأن (ركنتهم) في مكاتب قصية دون مهام معلومة وملفات محددة، لا تضيع بين مكتبي الوزير الأول والوكيل .
طبعاً هناك من بني آدم من يريد أن يكون وزيراً وكفى ..!! لا يهمه ماذا يمكن أن يتحقق للبلد من وراء كرسيه أو ماذا يمكن أن تخسر، المسألة عنده (برستيج) و( سي في) .. كان وزيراً من عام كذا إلى عام كذا!!
الترهل في كم الوزارات، وعدم إحسان اختيار الوزراء بترك الأمر لأحزاب ضعيفة بلا مؤسسات، دفع أحدها بسائق (قلاب تراب) مرشحاً للمجلس التشريعي في دائرة جغرافية بإحدى الولايات، وفاز بعد (فتح) الدائرة، يجعلني غير متفائل بتقديم كفاءات ذات قدرات وكفاءات في قوائم الأحزاب الحليفة للمؤتمر الوطني .
لا يكفي أن يرفقوا سيرة للمرشح تقول إنه حاصل على درجة البكالوريوس في الزراعة أو الاقتصاد أو الماجستير في إدارة الأعمال، فقد أصبحت الكثير من هذه الشهادات مثار سخرية وتندر، وتفجع عندما يفاجئك صاحبها بالحديث والكتابة فتظن أن محدثك خريج ابتدائية، من ضحالة مستواه الثقافي والمعرفي .
نحن نريد وزراء يعرفهم الناس، طبعاً ليس كل الناس، ولكني أعني أصحاب خبرات جربتهم مواقع الإدارة والقيادة والإنتاج في مرافق عامة أو خاصة مختلفة، نجحوا فيها وحققوا طفرات تؤهلهم لمراق أفضل.
لا نريد وزراء يجربوا فينا، ولا وزراء يمثلون (قبائل)، فلا يستقيم أن نكافئ بالوزارات من يشعلون نار الحروب القبلية (في الخفاء)، أو على الأقل من فشلوا في إخماد تلك النيران ومنع نزيف الدماء.
يحتاج بعض الوزراء والولاة من الذين تطاول بهم الزمن على مقاعد الحكومة أن يستريحوا، وينتقلوا للعمل العام في مواقع أخرى أو يتفرغوا لأعمالهم الخاصة ..جزاهم الله خيراً .
بالمقابل فإن الإكثار من تعيين (شباب) بلا خبرات في مواقع متقدمة ودون تدرج مطلوب، مضر ومؤذ للدولة ولهم .. هناك تجربتان جديرتان بالاحتفاء من قطاع الشباب، تجربة “معتز موسى” و”أحمد الكاروري”، أما الغالبية من أبناء وبنات جيلهم فقد مضوا دون أن يضعوا بصماتهم على إنجاز محسوس.
ولذا تجدني مؤمن بوزراء خبراء ومثقفين في عمر (الخمسين) فما فوق، عركتهم الحياة وعركوها، إلا من كان استثنائياً متجاوزاً لعمره، فقد أصبح “باراك أوباما” رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وعمره (47) عاماً، لكن ولسوء حظنا فإن الاستثناءات في بلادنا قليلة .
بالنسبة للأحزاب الحليفة، فإن وزراء الحزب الاتحادي (الأصل) في الحكومة المنتهية ولايتها، مثلاً، كانوا خارج دائرة الفعل والأثر ابتداءً من وزير مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” وإلى وزير التجارة “عثمان عمر الشريف”، ونحفظ لوزير الإرشاد “الفاتح تاج السر” وقاره واحترامه ونظافة يده، لكنه بدا زاهداً في الوزارة وكأنما قبلها إرضاءً لـ(مولانا) ..ولذا المطلوب من الحزب الدفع بوزراء من العيار الثقيل هذه المرة، رجال أو نساء قادرين على أن يكونوا إضافة حقيقية للجهاز التنفيذي.
بالنسبة لرئاسة البرلمان، أعتقد أنه ليس هناك أنسب من بين قيادات (المؤتمر الوطني) المنتخبة لهذا الموقع المهم في المرحلة المقبلة غير الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، وأظن أن كثيرين يشاركونني هذا الرأي، فقد خف وزن قيادات الدولة على المستوى الأعلى خلال التغييرات الأخيرة .
ولاية مباركة .. حكومة رشيقة ومنتجة.
{سبت أخضر .
الهندي عز الدين- المجهر السياسي