محمد كزام : الصديق الوفي “الكتاب”

(اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق لإنسان من علقً* اقرأ وربك الأكرم * الذي عَلمَ بالقلم * عَلمَ الإنسان ما لم يعلم).
من هذه الآيات الكريمة نستخلص أهمية القراءة في حياة الإنسان، فهذه أول آيات من القرآن الكريم تنزل على سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم لتحث الإنسان على القراءة التي هي السبيل الأمثل لنهضة الفكر البشري عبر السنين، ولتدلنا على أنه لا بد لكل منا ولاسيما الشباب من أن نجعل القراءة منهج حياة ننهل عبره من معين العلم ونرتقي من خلاله في مدارج المعرفة.
إنها دعوة لكي يكون الكتاب صديق الجميع ولنتمسك بهذا الذخر ولا نهجره في هذا الزمان الذي دخلت فيه متغيرات كثيرة إلى عالمنا بل اقتحمت خصوصياتنا، في وقت أصبح يضيع ربما دون إحساسنا به أو الشعور بما يجري من حولنا. لقد أصبحت اهتماماتنا – نحن معاشر الشباب – سطحية جداً نتيجة عدم إحساسنا بالوقت واستغلاله للقراءة والمطالعة والتثقف وتوسيع مداركنا وآفاق تفكيرنا. ما ذلك بحسب رايي إلا لأنا افتقدنا ذلك الصديق الوفي “الكتاب”، وأرى أن السبب الأول لهجرانه يرجع إلى ما أفرزته التقنية الجديدة، حتى إن بعضنا اقتصر في قراءة الكتاب على مطالعته عبر الشاشة، متناسياً المتعة التي تتيحها مطالعة الكتاب الورقي الذي أخشى أننا بدأنا نفقد الاهتمام به شيئاً فشيئا. فهل هذا مؤشر على أن الكتاب الورقي في سبيله إلى الاندثار؟ وهل سيأتي يوم ينعدم فيه إحساسنا بنكهة مطالعة السطور وشم عبير الحبر الذي كتبت به؟
إن ما استجد في وقتنا الحاضر مما يُسمى العولمة قد أتى على كثير مما كان لدينا من عادات القراءة والمطالعة وما كان يتذاكره الأصدقاء فيما بينهم عن آخر كتاب قرأناه، لكنك تندهش في هذا الزمن حينما تجد من يدافع ويجادل عن هذا الواقع، ويقول إنه مع التكنولوجيا الأسرع فإن القراءة عبر الشاشة أنسب وأسهل. لقد نسي هؤلاء أن الكتاب هو الصديق الوفي عندما تقرأ ونتصفح وننظر وتتأمل فيه، لكن ما ذا تقول ومعظم الناس فقدوا الإحساس بالقراءة ونكهتها؟
تُرى هل من الممكن أن نصحح هذا المسار ونعيد للكتاب اعتباره وسيرته الأولى؟
محمد كزام
Unlike · Comment

Exit mobile version