في سياق العلاقات المتطورة بين البلدين الشقيقين، قد تلاحظ في الفترة الأخيرة تراجع أخبار السودان في وسائط الإعلام المصري، بعد هجمة شرسة ازدادت شراستها قبيل وبعيد تنصيب الرئيس السيسي, لدرجة أن بعض قنوات رجال أعمال مبارك وضعت السودان في سياق محور سيناء وحماس وليبيا، المحور الذي يعتقد أنه يهدد الأمن القومي المصري, ومن ثم ضخت مفردة حلائب بكثافة كخميرة (عكننة) تستدعي في أيام توتر العلاقات بين البلدين, وإلا هل تسمعون لها صوتاً هذه الأيام بعد أن هدأت الخواطر وتبددت الهواجس, بأن السودان لم يكن إلا جاراً عربياً مسلماً ومسالماً, وإن مصالح مصر تجري من تحت أرجله, والحال هذه, فلابد من رصف الطريق بين البلدين وتعبيده وافتتاحه على روؤس الإعلام, وبالفعل كما نجح السودان في المقابل من استخدام الأوراق الدبلوماسية التي بين يديه لأول مرة بجدارة مدهشة, فكانت الخرطوم المحطة التي طويت فيها تجاذبات سد النهضة, فضلاً عن أن الخرطوم قد وقفت إلى جانب حكومة طبرق واستقبلت السيد الثني رئيس الوزراء, لم تكتف الخرطوم بذلك فحسب, بل رسمت الخرطوم في رابعة النهار وليس هذه المرة في جنح الدجى, رسمت علامة فارقة بينها وبين التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين, وللذين اعتبروها انتهازية سياسية كانت هذه هي الحقيقة التاريخية المجردة, فقد خرجت الحركة الإسلامية السودانية من عباءة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين منذ بروز نجم المفكر الإسلامي حسن الترابي, بدليل أن هنالك الآن تنظيماً آخر للإخوان المسلمين يضم مجموعة صادق عبدالماجد والحبر يوسف وابن عمنا المرشد جاويش و… و..
* ثم أتت الأقدار بالحوثيين وعاصمة الحزم لتتصالح الخرطوم مع منهجها وعقيدتها قبل أن تتصالح مع الآخرين, وإن شئت فاذهب في قوافل حيرة الشاعر عبدالقادر الكتيابي: لا ندري من أقبل على من.. ولكننا ركبنا عرضة البحر السواحله السماء و.. و..
* كانت علاقة الخرطوم بالقاهرة تمر عبر عواصم إقليمية ودولية من بينها الرياض وأبوظبي, قبل أن يتبين القوم في الضفة الأخرى أن العدو هو الأطماع الشيعية الإيرانية, على أن الإسلاميين المعتدلين لم يكونوا إلا رصيدا إيجابيا لهذه الأمة, انظر كم خسر الخليج العربي من عمليات الإقصاء الذي مارسها ضد حزب الإصلاح اليمني, وكان الإسلاميون الإصلاحيون يحفظون الوزنة بين الشيعة والمتطرفين التكفيريين و.. و..
* المهم في الأمر أن قناعات جديدة تعددت وتمددت في المنطقة العربية والمنطق الإسلامي, بأن الخرطوم التي تقاتل الكتف بالكتف والحافر بالحافر مع جحافل المسلمين السنة ذودا عن ديار الحرمين الشريفين, هي ذاتها الخرطوم التي تصلح أن تكون موئلاً وموطنا لصناعة الغذاء العربي و.. و..
* ومن هنا يمكن أن يفهم سياق التنديدات التي نهضت بها مؤسسات المجتمع المدني السوداني, إزاء حكم الإعدام الذي صدر ضد الرئيس المعزول محمد مرسي وإخوانه, بأن سقوفات الحرية والحركة تسمح للجهات غير الرسمية أن تعبر عن قطاعاتها, بحيث نددت مجموعات سودانية بهذا الحكم, من بينها المؤتمر الشعبي والحركة الإسلامية وبطبيعة الحال جماعة الإخوان المسلمين فرع السودان.. وهنا مقتطفات من بيان الحركة الإسلامية.. قال الله عز وجل: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ” (135) النساء.. “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ” (151) الأنعام. كما قال صلى الله عليه وسلم “لزوال الدنيا أهون عندالله من قتل رجل”.. ثم دعت الحركة الإسلامية في نهاية البيان إلى إجراء عمليات تصالح بين الإخوة الفرقاء لازالت حالات الاحتقان لتنعم الشقيقة مصر بالاستقرار و.. و..