لقد ظللت أبحث عن كلمات ليست كالكلمات.. نعم أبحث عن كلمات نخرج بها من ذلك الحزن الإجباري.. الحزن الذي فرض علينا فرضاً من أناس لا ندري من أين أتوا ليجثموا علي صدورنا شئنا أم أبينا.. ولكن سأقول لهم كما قال اديبنا العالمي الطيب صالح ( من أين آتي هؤلاء؟؟؟؟) .. نعم من أين آتي هؤلاء ؟؟؟؟.. فجعلونا نحث بحث مضني عن حياة خالية من الجراح.. المواجع.. الآلام.. والأحزان.. فلم نجد.. نعم لم نجد.. ولم يجد معنا الكثير إجابة.. وأن كنت ايقن لأن الإجابة عندي ببساطة لا.. نسبة إلي أن الحياة أصبحت بهؤلاء أو أولئك غير المرغوب فيهم بحر اعمق من عميق.. بحر تحكمه تياراتهم الجارفة.. وتحدده وجهاتهم ذات الأمواج المطلاطمة.. فلا تهدأ.. ومع هذا الهيجان تستمر الضغوطات.. نعم ضغوطات يفرضها ذلك الواقع المؤلم.. فلا يجد الإنسان أمامها مفراً سوي البحث عن قارب للنجاة.. وما بين هذا وذاك يغرق هذا وذاك.. نعم يغرقوا في لجة المشاكل والهموم.. ولا أقول كما قال شاعر العروبة نزار قباني : ( إني أغرق.. إني أتنفس تحت الماء.. البحر عميق.. عميق ).. نعم البحر عميق وقوارب النجاة يطوقها واقع مرير مليء بالحزن الذي يتداعي من كل حدب وصوب.. فلا قارب للنجاة رغم الصبر وهل يجدي الصبر في ظل تيار جارف .. بلا شك جارف.. وجارف جدا.. و…و…و…و.. إلا إننا وبالرغم من ذلك الحزن الملازم لنا نكافح.. نناضل.. وننافح من أجل البقاء علي قيد الحياة .. وكنت في هذا السياق أفكر في كيفية الإستفادة من المعاماة بإنتاج أفكار تفيد الناس والمجتمع وتخفف عنهم مايجري.. وسيجري في المستقبل.. خاصة وأن العولمة ووسائطها المختلفة سيطرت علي عقول النشء والشباب من الجنسين.. سيطرة تامة مستفيدين من الهواتف الذكية في التواصل بشكل سريع في إيصال المعلومة.. ومنذ أن بدأت تلك الثورة النهضوية التقنية في العالم وأنا أفكر في مشروع إلكتروني كبير جداً.. فكانت نواة الأولي لذلك التفكير إنشاء صفحة ( أوتار الأصيل ) بالفيس بوك.. ثم بدأت في دعوة الأصدقاء مشاركتي الهم أن كانوا داخل أو خارج السودان.. ومن هنا كانت الإنطلاقة إلي أن حظيت الفكرة بقبول منقطع النظير من الشباب من الجنسين.. وهذا القبول شجعني إلي التواصل مع الاصدقاء والإستفادة من أفكارهم في تطوير انشطة ( أوتار الأصيل ) المتعددة.. وهكذا إلي أن أصبحت الفكرة ذائعة الصيت.. ليس علي مستوي الأصدقاء إنما علي نطاق واسع للمصداقية التي تتمتع بها من حيث التناول والطرح.. وأعلنت منذ وهلتها الأولي الانحياز التام إلي الغلابة من السواد الأعظم وفتح الملفات الساخنة المصحوبة بالصور والمستندات.. وافراد المساحات للقضايا الإنسانية.. ما جعلها تسكن قلوب أعضائها الذين ظلوا يرسمون معها التواصل يومياً إلي أن وصل عدد الأعضاء والأصدقاء السودانيين وغير السودانيين إلي ( 25) ألف.. وبالتزامن مع ذلك العام كان لزاما علي أن أوصل صوت الناس والمجتمع إلي أكبر قطاع في السودان.. والعالم الذي لا يصله صوتنا لمحدودية توزيع صحافتنا الورقية.. المهم أنني أنشئت مجلة ( أوتار الأصيل ) الإلكترونية بغوغل والتي من خلالها استطعت أن استقطب لها جماهير سودانية.. أفريقية.. عربية.. آسيوية.. أمريكية.. وأوروبية وظللت في تواصل مستمر إلي أن وصل عدد المشاركين بحمد الله أكثر من (23) ألف مشترك يشاركون بفعالية عالية جداً.. غير الذين يزورون المجلة عبر محرك بحث غوغل.. فيجدون المادة المطروحة مادة متنوعة تميل للبحث عن الحريات المؤدة.. والإنسانية المهدرة .. وكثيراً ما يدور بيني وبينهم حوار يتسم بالشفافية المطلقة.. ومن خلال ذلك الحوار يقدمون المقترحات ويتفاعلون مع قضايا الحريات.. والقضايا الإنسانية.. ولم يتوقف طموحنا عند هذا الحد.. بل امتد إلي إنشاء صفحة ( أوتار الأصيل ) في تويتر وبحمد لله وصلت إلي ( 20) ألف وتم ربطها بغوغل.. والفيس بوك.. وأخيراً قروووبات ( أوتار الأصيل ) بالواتساب التي اسستها في العام 2013 والتي وصل عددها إلي ( 10) مجموعات ومازالت طلبات الإنضمام تصلني يومياً.. وتعتبر مجموعات ( أوتار الأصيل) النواة الأولي لفكرة إنشاء القروبات بتطيق الواتساب الذي يمتاز بالسرعة في نشر المعلومات.. عموماً كان يعترني هاجس كيفية تحويل هذه الوسائط الإلكترونية إلي وسائط إعلامية تفيد الناس والمجتمع ليكون شريكاً أصيلاً وأساسياً في إيصال صوت السودان للمتلقي داخلياً وخارجياً.. ولا يتم وضع قيود للأعضاء في توصيل أفكارهم.. وبأي كيفية أو أسلوب يمكنهم أن يترجموا به ما يجيش في دواخلهم.. ومما أشرت إليه فكرت في استقطاب أكبر عدد من الناس البعيدين عن العوالم الصحفية ورقياً وإلكترونياً حتي يشاركونني الهم تحت عنوان ( لماذا لا يتحول المواطن إلي صحفي) ؟.. فكانت الإجابة تتمثل في إكتشاف أن معظم السودانيين لديهم موهبة الكتابة.. إلا أنهم يتخوفون من نشر ما تنتجه أفكارهم.. لذلك ظللت اشجعهم إلي أن استطاع الكثير منهم تجاوز ذلك الهاجس.. وبدأوا في التواصل عبر وسائط التقنية الحديثة.. من خلال شبكة ( أوتار الأصيل ) الممتدة عبر الفضاء الاسفيري.. وجعلت منه واقعاً إعلامياً ملموساً ومنافساً.. قوياً.. ومصدراً للمصداقية.. ما جعل ( أوتار الأصيل ) أسماً مشهوراً في الداخل والخارج .. ولم تصل ( أوتار الأصيل ) إلي هذه المكانة إلا بفضل الله ومن التفوا حولها طوال السنوات الماضية ومازالوا يرتبطون بها إرتباطاً وجدانياً وثيقاً.. فهي في الأساس قائمة علي حرية الرأي والرأي الآخر ما اكسبها جماهيرية طاقية في غوغل.. والفيس بوك.. وتويتر.. والواتساب.. وفي كل هذه الوسائط الإلكترونية وضعت شعارها تحت عنوان ( أوتار الأصيل تعني بالملفات الساخنة بعيداً عن التجريح والإساءة أو المساس بالأديان أو المعتقدات).
إننا في كثير من الأحيان نفكر في المواكبة.. والتطور الذي نسعي له طالما أن العالم يواكب.. ويتطور تقنياً يوماً تلو الآخر بالرغم من الحزن الذي ظل يلازم السودانيين.. ويعشعش في دواخل كل إنسان يحس بالظلم.. أو التهميش.. أو هضم الحقوق.. لذا فإنهم أصبحوا ﺟﺰﺀﺍً من الحزن.. ويصيرون هم ﺟﺰﺀﺍً ﻣﻨﻪ.. ربما يكونون مجبرين علي الركون له في ظل واقع مرير.. واقع مؤلم.. واقع لا يمكن الفكاك منه.. حتي أن البعض منهم يجد نفسه مضطراً إلي ان ينظر إلي ذلك الواقع من حيث أنه يطل عليه بلون أسود.. لون لايدع له فرصة النظر للون الأبيض.. ولا يجد مع ذلك مساحات للبياض والصفاء رغما عن محاولات البعض للإمساك بخيوط الشمس.. ولكن ماذا يحدث؟ لا جدوي.. لأنه ومنذ بذوق فجر هؤلاء ضاع منا الأمل.. ضاعت منا مشاعر.. واحاسيس يسيطر عليها حزن بلا نهاية.. هكذا تمضي الأيام.. والشهور.. والسنوات .
سراج النعيم _ النيلين