كان يوم أمس(السبت) طويلاً جداً ونحن في رفقة البروفيسور “إبراهيم غندور” مساعد الرئيس نائب رئيس المؤتمر الوطني، وهو يمزج ما بين مهامه الحزبية والتنفيذية والسياسية في زيارة قصيرة جداً لولاية جنوب كردفان وعاصمتها “كادوقلي” مدينة الناس والأحداث.
ولكن دلالات الزيارة عميقة جداً لأنها لامست اهتمامات الشعب.. ووقف مساعد “البشير” مع القوات المسلحة وقوات الدعم السريع التي تخوض في هذه الأيام معركتها مع قوات التمرد.
تحدث “غندور” لقوات الدعم السريع التي انتصرت في أربع معارك رئيسية خلال أسبوع واحد، المعركة الأولى في “شات الدمام”.. والثانية في “شاتا الصفيا” ثم معركة “الهدرا وعقب”، وانكسرت شوكة قوات التمرد في ريفي البرام وشرق محلية كادوقلي.. والقوات التي تعرف بالقدس (2) قوامها أبناء جبال النوبة والبقارة ويقودها العقيد الركن “أبو عبيدة محمد زين”، قائد متحرك الشهيد “حسين جبر الدار”. و”أبو عبيدة” من الضباط المشهورين في الوسط الإعلامي والسياسي، كان قائداً لحراسة الشيخ “علي عثمان محمد طه” والآن يقود كتائب النصر. تعهد قادة الدعم السريع بالقضاء على التمرد خلال عمليات الصيف المعلنة والوصول لأية منطقة تتواجد فيها قوات التمرد.. وثمة تنسيق وتعاون بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. وأكد اللواء الركن “ياسر العطا” قائد الفرقة (14) أنهم كقوات مسلحة ودعم سريع يعملون يداً واحدة للقضاء على التمرد، ووجود القيادة السياسية في وسط المقاتلين يبعث في أرواحهم الإحساس بأن القيادة معهم في خندق واحد.
وقبيل زيارة “كادوقلي” كان “غندور” يتفقد الجرحى والمصابين بمستشفى الأمل بالخرطوم بحري.
في اللقاء الجماهيري الذي تحدث فيه “غندور” لجماهير “كادوقلي” التي احتفلت بانتصار المؤتمر الوطني في الانتخابات الأخيرة، قال “غندور” إن التفاوض مع التمرد خلال العام الماضي قد كشف عن عدم جدية المتمردين وتماطلهم وعدم الرغبة في السلام، وإجراء الانتخابات كان حدثاً هاماً جداً بعد أن قدمت الولاية (149) شهيداً من أجل إقامة الانتخابات. ووفاءً لهؤلاء يبدأ الرئيس زياراته بعد أداء القسم من “كادوقلي” مثلما كانت “كادوقلي” هي المحطة الثانية في الحملة الانتخابية الماضية، وتزامن احتفال المؤتمر الوطني بالفوز بالانتخابات مع احتفال الحركة الشعبية في “كاودا” بذكرى تأسيسها التي توافق السادس عشر من مايو من كل عام.
وفي خطوة سياسية هامة زار البروفيسور “إبراهيم غندور” منزل أمير النوبة الراحل “محمد الزاكي الفكي علي الميراوي”، وتقديم التهنئة في ذات الوقت للأمير الجديد “حسين الزاكي الفكي علي الميراوي”، وتعتبر عشيرة “الميراوي” كبرى البيوتات النوبية. واستقبل البروفيسور “غندور” بحفاوة بالغة زغاريد ونحاس وأنغام رغم الحزن على رحيل “محمد الزاكي”، وأهمية زيارة “غندور” لآل “الميراوي” في أن النخبة المثقفة من قادة التمرد أغلبهم من أبناء ميري.. ويعتبر “يوسف كوة مكي” من أشهر قيادات قبيلة ميري التي تقطن غرب مدينة “كادوقلي”.
والمحطة التنظيمية الأهم في رحلة اليوم الواحد كانت ورشة تقييم نتائج الانتخابات الأخيرة التي وجه المؤتمر الوطني كل الولايات بإقامتها، وذلك لمعرفة أوجه القصور والسلبيات استعداداً لانتخابات عام 2020م. وبدأ “غندور” صارماً جداً خلع الوجه السياسي الناعم وقبعة التنفيذي الواقعي.. ورفع عصا التنظيم لمن يفارق درب الجماعة ويدعم المتفلتين من عقال التنظيم والساعين لتكوين لوبيات ومراكز قوى داخل الحزب. وقال “غندور” (بنفرتق) أي شلة أو جماعة ولن نستجيب للضغط ولا الوعود ولا التهديد.. سيبقى التنظيم فوق الأفراد والجماعات والجهات. وأصغى لكلمات “غندور” قادة حزب المؤتمر الوطني حتى غدت القاعة صامتة إذا سقط قلم على أرضية مبنى مركز التدريب سمع صوته من به صمم.
في المساء انقضت الزيارة التي تتبعها زيارات لولايات السودان الأخرى، في الوقت الذي بدأ مخاض التشكيل القادم للحكومة يأخذ حيزاً كبيراً في جدول يوميات “غندور” بعد تكليفه برئاسة لجنة التعيينات.