تغيرت علاقتنا بالآخرين.. أصبحنا مصابين بمرض الحكم السريع على الأشخاص ومفتقرين لثقافة لباقة الحديث واختيار العبارات الودودة !
هكذا ببساطة أصبحنا نبرع في جرح المشاعر، ولا نكترث لمن حولنا ولا نراعي الله وضمائرنا في تعاملاتنا ولا نتحلى بحسن الخلق إلا من رحم ربه.. نخوض في الأعراض.. نطلق الشائعات.. نتداولها ونروج لها دون أن نستوثق.. لا نعمل بمبدأ السترة.. ولا نتقي الله في إنسانية الآخرين وكرامتهم وسمعتهم!!
شخص خفيف الدم.. بشوش.. نقول عنه خال من الهموم أو نتهمه بالسخف والخواء!
وهل لابد للمهموم أن يكون شاحب الوجه لا يضحك ؟ ومنذ متى أصبح التبسُّم في وجه الآخرين سخف ولزاجه؟
شخص يسمع الأغاني ويرتاد المنتديات لا يعني أنه لا يحق له أن يصلي صلاة الليل أو أنه ليس متديناً! لست أنت من تكتب الأعمال ولسنا معصومين ! والله وحده المطلع على الأفئدة والأعمال!
لا تحكم على شخص بدين بأنه مفرط في الأكل لمجرد أن رأيت بُنيته، ربما يعاني مرضاً بالسمنة، أو يأخذ دواء آثاره الجانبية تزيد الوزن! الأسباب تتعدد وسوء الظن واحد !
لا تسأل شخصاً عن سبب انفصاله ولا تحلله من نفسك وتبدأ في افتراض أسباب أخلاقية، ولا تؤلف الروايات وتروجها على لسانه.. فقط ضع نفسك مكانه وتذكر أن للبيوت أسراراً وللنفوس خبايا ولشؤون الآخرين خصوصية !
لا تحكم على منْ يتسم بالأناقة بأن دخله المادي جيد وتبدأ في التساؤلات عن مصدر أمواله أو تجتر ماضيه البسيط، فكم من بسطاء رفعهم الله بأعمالهم.. وكم من مهندمين تدثرهم السترة!
لا تُبحلق بالنظر في شخص به إعاقة اياً كانت، ولو من باب الشفقة.. أنت لا نأمن دهرك.. وكم من ذوي إعاقة هم في الأصل ذوو إرادة !
لا تحكم على أنثى أنها منحرفة وسهلة المراس فقط لأنها تضحك بمرح أو تتواصل مع محيطها الذكوري بمودة.. إن التواصل الإنساني لا يجنس.. وكم من فتاة ودودة بداخلها جراح، ولا ترى في الرجال من حولها أكثر من كونهم إخوة أو أصدقاء!
لا تلاحق العزاب بالسؤال عن إعراضهم عن الزواج وترتاب في الأسباب.. ولا تطارد متزوج بالسؤال التقليدي الممجوج عن عدم الإنجاب.. فهذه أمور شخصية جارحة !
عندما تكره شخصاً فمن الرقي والإنصاف أن لا تجعل الجميع يكرهه من خلال حديثك السيئ عنه..
دع غيرك يخوض التجربة وبطلق الأحكام فـقد يكون الخلل منك.. فأحسن الظن وأمسك لسانك لتدوم المحبة.
لا تُفسّر حاجتك بأنها نفس حاجة الآخرين.. ولا تنظر لهم بمنظارك.. حاجتك للزواج ليس من الضروري أنها حاجة آخر، وحاجة آخر للوظيفة ليس لزاماً أنها حاجة عند غيره !
امتدح من أمامك حتى لو رأيت شيئا غريباً، أبحث فيه عن شيء يميزه، ملابسه، رائحته، ابتسامته، أي شيء إيجابي جميل.. تعلّم أن تكون لبقاً وحلو المعشر والكلام، أن تكون شخصاً إيجابياً يعني أن تستخدم أولاً كلمات بسيطة لكن أثرها عميق وطيب على النفوس، وتذكر ألا تسأل كأنك أكمل الخُلق ولا تحكم كأنك أطهر الخَلق.. فلست معنياً بالحكم.. ولست الخالق ولا الرازق ولا المنزه!
كن كيساً فطناً لبقاً.. فهي صفات من تمام الإيمان والإنسانية.
تلويح:
معظم مشكلاتنا الشّخصية تقع في الفجوة بين :
مقصود لم يفهم !!
ومفهوم لم يقصد!!