حيث كان الفساد، كانت الإنهيارات الكبرى.. وليس هنالك من إنهيارات أكبر من انهيارات الذمم… وتلك لعنة في السودان!
دول كثيرة ضربها الفساد خاصة في القارة السوداء التي تضربها الآن زلازل الحروب الاهلية، بكل ماتمثله هذه الحروب من انهيارات في النفوس، وفي مايعرف بالنسيج الإجتماعي، وبكل ماتشكله من إنهيار في الخطط التنموية، وتبديد عنيف للموارد.
الفساد، في جملة واحدة، أحد أهم الأسباب في إفشال الدول
أتحدث عن هذه اللعنة، وفي بالي التقارير المفزعة، عن حجم الفساد التي أزكمت رائحته أنوف السودانيين.
الدولة، قالت قبل فترة إنها قد استلت سيفها، لمحاربة الفساد، لكن سيف الدولة، لم يكن يمانيا. كان أشبه بسيف دون كيشوت، والفاسدون مثل طواحين الهواء!
أسوأ ماتفتق به ذهن الدولة، هو مايسمى بالتحلل.. والتحلل هو ان تسدد المال المنهوب( ولا أعرف كله او بعضه) لتصير طليقا!
هكذا، حين تكتشف سرقة المال العام، تتم التسوية: إرجاع المال المنهوب، وإطلاق سراح اللصوص!
أي عدل هذا، وأي اعتدال.. لكأنما الأجهزة العدلية بمثل هذا الصنيع التالف، تقول للصوص الكبار أسرقوا.. إذا انكشفتم ردوا المسروق، وإلا فهذا مال سائب، أغراكم بالسرقة، فهنيئا لكم ياصحاب!
ماهو مخيف، ان كل المفدسدين، هم على مرمى نظرة واحدة من عين الكبار..
ماهو أكثر إخافة أن الفاسدين هم في بعض دوائر صناع القرار.. لكأنما هؤلاء الصناع، هم في الأساس صناع هذه اللعنة، في الأساس.. وتلك شبهة قائمة، إذا ما استثنينا منها شبهة تشابه التواطؤ، فإننا لن نستثني شبهة الغفلة عن طهارة يد الذين هم في مرمى العين.. ولن نستثني بالضرورة، التقصير الإداري، ولا غفلة الأجهزة المعنية بالرقابة على المال العام؟
كم عدد لصوص المال العام، والفاسدين في أنفسهم المفسدين لغيرهم في السودان؟ .. لا إحصاءات، لكنهم في تقديري، أكثر من الهم، على قلوب السودانيين!
في الأخبار، أن النائب الاول الفريق أول بكري حسن صالح، استل سيفا لمنازلة اللصوص، ومايعنينا هنا أن يكون سيفه بتارا،يجز به أول مايجز رأس مابات يعرف ويضحك بالتحلل، ثم يجز إثر ذلك رؤوسا كبيرة، ولا يبالي.. مستلهما في منازلته الكبرى،قسم النبي الكريم: « أي والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
لو فعلها الفريق أول بكري، سيعيد للدولة بعض هيبتها، وسيخيف حتما اللصوص الكبار، ومن تبعهم بغير إحسان إلى يوم الدين.. وإن لم، فستظل تدور وتدور ( طواحين اللصوص)!