زياره واحده للمركز القومي للعلاج بالأشعه والطب النووي (مستشفى الذرة سابقاً) تكفي بأن تجعلك تتمنى ألا يُصاب عزيز أو حتى عدو بمرض يضطره للتردد على مكان كهذا، تجعلك تفضل الموت بالسرطان الف مره على أن تظل في هذا المكان ساعة واحدة فبالإضافة لرائحة الموت الذي يفوح من أزقته وغرفه العتيقة يعاني المرضى والمرافقون من ألم نفسي وجسدي يزيد منه الوضع السيئ جداً للمستشفى الذي بفتقد لأبسط قواعد النظافة والنظام ويفتقر للمعدات المطلوبة لضمان وقت علاج مريح على الأقل جسدياً، فالنقالات تقليدية ومهترئة والمصاعد متسخة وضيقة لا تتسع للمرافقين الذين يضطرون لإستغلال السلالم فالمصعد مخصص فقط للمريض وشبح الموت معاً!
السرطان مرض عُضال وتعتمد إحتمالية مقاومته أو الشفاء منه بدرجة كبيرة على العامل النفسي والمعنوي ووضع المستشفى بهذه القذارة والبدائية كافية لتدمير معنويات المريض وأسرته تماماً، ورغم الإيمان الذي يتدثر به معظم المرضى إلا أن الظروف السيئة تنقلهم إلى جو من التوتر والألم النفسي الكبير الذى يستحبل معه مقاومة المرض أو حتى التسليم ومعايشة الأمر لأن النعايشة تعني القبول بزيارة هذا المكان طيلة فترة العلاج التي تمتد لسنوات عنه أغلبية المرضى بمختلف أنواع السرطان.
أرجو من السيد وزير الصحة أن يقوم بزيارة واحدة للمركز القومي للعلاج بالأشعة و الطب النووي متقمصاً إحساس المرضى ومرافقيهم ويضع جانباً حقيقة كونه وزير و طبيب معتاد على معايشة المرض والمرضى عندها فقط سيدرك تماماً أن السرطان أهون من دخول مكان كهذا!!
حال مرضى السرطان في بلادي كحال المبتلون من كل جانب، يعانون الفقر ويعانون الجوع ويعانون المرض ويدخلون معركةً خاسرة مع الموت البطئ فى ظل فقدان السلاح الوحيد المُتاح فى مواجهة مثل هذا المرض ألا وهو القوى النفسية والمعنويةلإيمان الكامل بالشفاء والذي يعمل مستشفانا يداً بيد مع السرطان على تدميره وسحقه من أول زيارة فيخرجون مستسلمون للمرض ومسلمين للموت دون مقاومة أو حتى رغبة أكيدة في الشفاء!
أخيراً: اللهم إسبغ عليهم سترك ورحمتك وأشفهم شفاءً لا يغادر سقماً ووسخر لهم ما يعينهم على تحمل قضائك!