صل أخير في حياة امتلأت بأحداث ومراحل، كان لها آثار متباينة، قد تكون أدت للنهاية أو ربما فرضت القوة نهايتها، رصاص أو مشنقة أو مقصلة، نهاية اختلفت طرقها وكان الإعدام واحد، جمع في بوتقته أسماء العديد من الرؤساء والزعماء، مع اختلاف قصصهم وحقبتهم.
وفي سابقة هي الأولي في مصر، يتم إحالة رئيس جمهورية «سابق» محمد مرسي، وعدد من قيادات الإخوان إلى مفتي الجمهورية، لإبداء الرأي الشرعي، في قضية اقتحام السجون خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011 المعروفة إعلاميًا بقضية «الهروب الكبير من سجن وادي النطرون»، ليصبح مرسي بذلك الحكم أول رئيس مصري وثاني رئيس عربي يحاكمه شعبه بالتظاهر ضده ويحكم عليه بالإعدام.
وشهد التاريخ على عدد من الرؤساء الذين سطروا أسمائهم مع غيرهم من هؤلاء الذين انتهت مسيرتهم بحكم إعدام، لتكون بمثابة تتر النهاية.
و نرصد هنا 9 رؤساء دول تم الحكم عليهم بالإعدام.
9. رئيس تونس
في عام 2012، حكم القضاء العسكري التونسي بالإعدام على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي فر إلى السعودية، ويحاكم غيابيا هو والعديد من مساعديه بتهمة قتل المتظاهرين خلال ثورة «الياسمين» التي أطاحت به.
وكان «بن على» واجه أحكاما بالسجن لمدة 50 سنة، وغرامة بملايين الدولارات بتهم الفساد واستغلال النفوذ وحيازة أسلحة وذخائر في القصر، كما حكم على زوجته ليلى الطرابلسي وعدد من أركان نظامه بالسجن عشرات السنوات بتهمة الفساد والاختلاس واستغلال النفوذ.
ويلاحق «بن علي» في قضية قتل المتظاهرين رفيق بلحاج قاسم وأحمد فريعة، آخر وزيري داخلية في عهد «بن علي» وعادل التيويري، المدير العام الأسبق للأمن، وجلال بودريقة المدير السابق لجهاز مكافحة الشغب.
8. رئيس إثيوبيا
على الصعيد الأفريقي، تمت محاكمة رؤساء سابقين من أشهرهم الرئيس الإثيوبي الأسبق منجستو هايلا ميريام الذي واجه حكما بالسجن مدى الحياة عام 2007، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة خلال فترة حكمه التي عرفت باسم «الرعب الأحمر»، إثر انقلابه ضد الإمبراطور هيلاسلاسى عام 1974.
وقاد «ميريام» البلاد بقبضة حديدية، وانفرد بالحكم المطلق، وأعدم رموز العهد السابق في عهده الثوري ضد أعداء الثورة والإمبرياليين، وبلغ ضحاياه 100 ألف بسبب الترحيل القسري إلى أن قضت محكمة أخرى بإعدامه في 2008.
7. صدام حسين
من أشهر محاكمات العصر الحديث، الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي انضم لقائمة القادة الذين حوكموا بتهمة ارتكاب جرائم بحق شعبه.
وتمت محاكمة «صدام» بعد الغزو الأمريكي على العراق في مارس 2003، واعتقل في ديسمبر من السنة نفسها في عملية «الفجر الأحمر» للقوات الأمريكية، واتهم في 18 يوليو 2005 من قبل المحكمة الجنائية المختصة بالضلوع في «إبادة جماعية» لأهالي بلدة الدجيل 1989، ووجهت له تهمة قتل 148 شخصا، وانتهت المحاكمة بإعدامه صبيحة عيد الأضحى المبارك.
وتولى «صدام» رئاسة العراق في 16 يوليو 1979، خلفًا للرئيس حسن البكر الذي استقال لأسباب صحية، وأصبح هو رئيس الدولة، ورئيس الوزراء، والأمين العام لحزب البعث، ورئيس مجلس قيادة الثورة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وأتبع ذلك بعملية تطهير في حزب البعث الحاكم، فأعدم 23 مسؤولًا لاتهامهم بمحاولة انقلاب ضده، وفي عام 1980، خاض «صدام» حربًا امتدت 8 سنوات مع إيران وأتبعها في 1990 باجتياح الكويت، فشكلت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا دوليًا ضده، تحت مظلة الأمم المتحدة، وطردت جيش «صدام» من الكويت في 1991، ثم فرضت الأمم المتحدة على العراق حظرًا استمر 13 سنة.
وتم تمديد الولاية الرئاسية لـ«صدام» في 15 أكتوبر 1995 لـ7 أعوام، وفي عام 1998 كانت عملية «ثعلب الصحراء» بعد أشهر من التوتر بين «صدام» والمجموعة الدولية أدت إلى مغادرة مفتشي الأمم المتحدة المكلفين بنزع السلاح العراقي.
وأعيد انتخاب «صدام» في 15 أكتوبر 2002 لـ7 أعوام، وفي 17 مارس 2003، وجه الرئيس الأمريكي جورج بوش إنذارًا مدته 48 ساعة لـ«صدام» حتى يختار منفاه، وإلا فإن واشنطن ستشن حربًا على العراق، ورفض «صدام» الإنذار، ودخلت القوات الأمريكية والبريطانية العراق.
في 13 ديسمبر 2003، اعتقلت القوات الأمريكية صدام في مسقط رأسه تكريت، وأخضعته للمحاكمة، وتم اتهامه في أكتوبر 2005 من قبل المحكمة الجنائية ببغداد بالقتل والطرد والسجن والتعذيب وانتهاك القوانين الدولية، وإعدام 143 شخصًا في بلدة الدجيل الشيعية، وبموجب قانون العقوبات، واجه «صدام» عقوبة الإعدام، لينفذ فيه الحكم في 30 ديسمبر 2006، وصادف ذلك أول أيام عيد الأضحى.
وتسبب حكم الإعدام عليه في الكثير من الغضب العربي، نظرا أنه تم تنفيذه صباح عيد الأضحى، ولم تحترم القوى الدولية عادات وتقاليد المسلمين وتؤجل المحاكمة ليوم آخر، فيما فسرت بعض الصحف العربية أن تنفيذ حكم الإعدام في ذلك التوقيت جاء لاستفزاز العرب.
6. رئيس أفغانستان
كان محمد نجيب الله رابع رئيس للجمهورية الأفغانية الديمقراطية الشيوعية، وحكم أفغانستان منذ عام 1987 وحتى سقوط نظامه عام 1992 بعد معاناة العاصمة الأفغانية، كابول، من نقص في الإمدادات والوقود في نهاية شتاء 1992.
وأبدى «نجيب الله» رغبته في تقديم الإستقالة في 18 مارس 1992، تمهيدا لتشكيل حكومة مؤقتة ومحايدة، وتنحى «نجيب الله» رسميا في 16 أبريل 1992 عن حزبه الحاكم بعد خروج معظم مناطق البلاد من سيطرة الحكومة وسقوط قاعدة بغرام الجوية الإستراتيجية ومدينة شاريكار بيد مقاتلين من حزب الجمعية الإسلامية.
وحاول «نجيب الله» لقاء المبعوث والممثل الأممي في أفغانستان بينون سيوان، من أجل وضع حد للحرب الأهلية بمطار كابول الدولي، لكن مقاتلي الجنرال عبد الرشيد دوستم عرقلوا سبيله المؤدي إلى المطار، وفي 17 أبريل 1992، طالب اللجوء السياسي بمكتب الأمم المتحدة في كابول.
وقضى حياته بعدها قيد الاحتجاز، بعد أن رفضت الأمم المتحدة توفير ملاذ آمن له، نظرًا لتدخلات المخابرات الباكستانية، إلى أن قبضت حركة طالبان عليه، وأعدموه شنقًا وسط العاصمة الأفغانية، كابول.
5. رئيس مالي
بعد 22 سنة قضاها في الحكم سقط موسى تراوري رئيس جمهورية مالي الأسبق، وحكم عليه بالإعدام مرتين لارتكابه «جرائم سياسية» في عام 1993، التي تركزت بصفة رئيسية على قتل حوالي 300 من المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، لكنها خففت في وقت لاحق، كما واجه حكما بالإعدام مع زوجته «مريم» عن «جرائم اقتصادية» في 1999 بتهمة اختلاس ما يساوي 350 ألف دولار في فترة حكمه، لكنهما حصلا على عفو عام 2002، ومنذ ذلك الحين تقاعد عن الحياة السياسية.
وكان «تراوري» أطيح به في عام 1991 خلال تمرد شعبي عنيف، بعد حكم استمر 23 عاما.
4. رئيس كوريا الجنوبية
في كوريا الجنوبية، حكم على رئيسها تشون دو هوان بالإعدام في 1996، لتورطه في الانقلاب عام 1979، وقمع الانتفاضة في عام 1980 بكوانجو، فضلا عن الفساد.
وقاد «هوان» انقلابا عسكريا في عام 1979، وقمع تظاهرة في كوانجو قتل فيها 200 شخص في عام 1980.
واعتزل تشون دو هوان السياسة في عام 1988، عندما اعتذر علنا على شاشات التلفزيون في عام 1995 أثناء وجوده في السجن لتورطه في عدة قضايا الفساد.
ووجهت إلى «هوان» تهمة الخيانة العظمى لتورطه في الانقلاب 1979، وبعد سنة، حكم عليه بالإعدام، وخفف الحكم لاحقا إلى عقوبة بالسجن مدى الحياة، وفي عام 1997، حصل على عفو عام.
وحكم شون دو هوان كوريا الجنوبية في الفترة من عام 1980، إلى عام 1988.
3. رئيس رومانيا
15 عاما كانت هي فترة حكم الرئيس الروماني الأسبق، نيكولاي شاوشيسكو، الذي حكم رومانيا في الفترة من عام ١٩٧٤ حتى ١٩٨٩، وانتهت فترة حكمة بنهاية مأساوية له ولزوجته، خاصة أنه حكم بلده بقبضة من حديد.
وعرف «شاوشيسكو» بالشدة والدموية وتعذيب معارضيه، وأصيب بجنون العظمة في نهاية حياته فكان يلقب نفسه بـ«القائد العظيم»، و«العبقرية التاريخية»، وأدى حكمه إلى انفجار المظاهرات في رومانيا حتى وصلت لقصر الرئيس، فحاول الهرب إلا أن بعض المزارعين قبضوا عليه وسلموه للسلطة.
وحاول «تشاوشيسكو» قمع المظاهرات، وعندما انضمت بعض وحدات الجيش للشعب، ظهر في خطاب شهير يستجدى الجماهير لكنه فشل، وحاول الهرب هو وزوجته على متن طائرة هليوكوبتر.
وأثناء محاولة هروب «تشاوشيسكو» وزوجته، اعتقلهما الثوار وتمت محاكمة الديكتاتور الروماني أمام محكمة عسكرية عام 1989، بتهم قتل متظاهرين في الثورة التي اندلعت ضد الفقر والتجويع والفساد، وكانت المحاكمة سريعة لدرجة أنها استغرقت ساعتين فقط، وصدر عليه وزوجته حكم الإعدام رميا بالرصاص في أسرع محاكمة لديكتاتور في القرن العشرين.
ونفذ الحكم فيه وفى زوجته «إيلينا» التي شاركته فساده أمام عدسات التليفزيون في ٢٥ ديسمبر ١٩٨٩ بأحد معسكرات الجيش الروماني خارج العاصمة الرومانية، بوخارست، حيث تم إعدامهما رميا بالرصاص، وبكى «تشاوشيسكو» كالأطفال، حينما قيده أحد الجنود قبل إطلاق الرصاص عليه، وأعدم بتهمة الإبادة وتدمير ممتلكات الاقتصاد الوطني.
2. رئيس اليمن
سالم ربيع علي، ا, كما يعرف باسم سالمين، تولى رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من 22 يونيو 1969 وحتى استسلامه للمنقلبين عليه في 22 يونيو 1978، وإعدامه في 26 يونيو 1978.
واستطاع «سالمين» خلال 10 سنوات أن يحكم البلاد بقبضة قوية، وصارت أنظار الناس تتجه إليه حيث كان صاحب القرار الأول والأخير في قمة السلطة، وبحسب من عايشوه فقد سحب البساط السياسي من تحت أقدام منافسيه.
وبعد أيام قليلة من استقبال «سالمين» عضو الكونجرس الأمريكي، بول فندلي، وتأكيده له أن «عدن لا ترغب في الانعزال عن الولايات المتحدة، وأن رئيسها أي سالمين يحبذ إقامة علاقات مع الولايات المتحدة بحيث تكون ذات صلة بالأمور التي يشكو منها الشعب اليمني»، حدث انقلاب عليه، وتمت محاكمته بتهمة الفساد السياسي، وحكم عليه بالإعدام، ونفذ الحكم في 26 يونيو 1978.
1. رئيس إيطاليا
حكم الزعيم الفاشي بينيتو موسولينى إيطاليا في الفترة ما بين عام 1922 إلى 1943، وتحالف مع الزعيم النازي أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية، ولم تبل إيطاليا بلاء حسنا بل جرّت هذه الحرب الخاسرة الوبال على إيطاليا، ما جعلها في عام ١٩٤٢ على حافة الهاوية، وازداد غضب الشعب ورأى أن «موسوليني» قد كذب عليهم، فأصبح عدو الشعب وتم اعتقاله وصدر بحقه حكم بالإعدام.
وعندما أوشكت الحرب على الانتهاء، ولاحقته الهزيمة حاول الهرب مع عشيقته «كلارا» باختبائه في مؤخرة سيارة نقل متجها إلى الحدود، لكن السائق أوقف السيارة وأمرهما بالنزول وأخبرهما أنه قبض عليهما باسم الشعب الإيطالي.
وفى اليوم التالي، أتت الأوامر من مجلس جبهة التحرير الشعبية بإعدام «موسوليني» هو وعدد من معاونيه، لما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب أدت إلى وفاة الآلاف، تم تنفيذ الحكم وعُرِضت جثتاهما في محطة بنزين بساحة عامة في مدينة ميلانو الإيطالية معلقة من الأرجل، وتم التمثيل بجثثهم، حيث جاءت الجماهير تسبهم وتشتمهم وترميهم بما في أيديهم، وبدأوا إطلاق النار على الجثث وركلهم بالأرجل.
ولم يدخل «موسوليني» التاريخ لتسجيله ضمن الرؤساء الذين أعدمهم شعبهم فقط، بل دخله أيضا ضمن أكثر الحكام الذين تكرههم شعوبهم، نظرا للظلم والعنف والطغيان الذي كان يمارسه عليهم.