إتجار بشر من نوع جديد .. (100) سوداني ضحية لشركة مخدمه في الخليج!

في أخطر تحقيق ..
الشاب خالد يروري تفاصيل مثيرة .. ومسئول كويتي يستقيل لعدم حل المشكله ..
الشركة المُستخدمه اجبرتنا على التوقيع باستلام  (1800) دينار كويتي دون صرفها!!
رئيس العاملة الوافدة بالكويت : العمالة السودانية هي الأولى في عدد الشكاوى!!
تحقيق – هبة محمود
حدث جلل سلب منه الفرحة وتمكن من خنق طموحاته وبّدل واقعه، الأمر الذي مهد لليأس والحزن طريقاً سالكاً ليحتل متسعاً من قلب “خالد أحمد  إبراهيم” وعائلته الذين حاولوا بكل جهدهم تطوير وترقية  حياتهم، من خلال الاغتراب الذي نزع إليه الكثيرون في الآونة الأخيرة، عندما حصل على  عقد  للعمل كفني مختبرات طبية  في دولة الكويت التي طالما سعى للوصول إليها .. ولكن ..
خالد لم يكن وحده الضحية بل ضمن مجموعة تضم (100) شابا حملهم الطموح الى الكويت ووقعوا في مصير الظلم .
تفاصيل شراء العقد، وإن بدأت في ظاهرها أكثر أمناً،  في وقت كثرت فيه مشاكل الاحتيال في العقودات، إلا أن باطنها كان أشبه بالرماد الذي يواري تحته ناراً احترق بها، هو ومن كانوا معه حوالي (100) شاب سوداني بحسب إفاداته لـ(المجهر)، في عملية أشبه بالاتجار بالبشر حسبما شبهه مسئول كويتي، ولكنه اتجار من نوع آخر غير الذي عهدناه والذي يقع ضحية له كثير من شبابنا، وهم يبحثون عن وضع أفضل  بشرائهم وحصولهم على عقود مضروبة عن جهل، وهم يترددون بين ردهات الشركات الوهمية فتضيع الآمال وتتبدد الأحلام. وإليكم – فيما يلي من سطور – أنموذج حقيقي لمشكلة شاب سوداني .
مكمن المشكلة ..
فمشكلة “خالد” الحقيقية تكمن في حرمانه من دخول دول مجلس التعاون الخليجي الست نهائياً، ليصبح بذلك نموذجاً لما يمكن أن يتعرض له أبناؤنا في بلاد الغربة، دون أن تحرك جهاتنا المعنية ساكناً تجاه ما يعانونه. ولكم أن تتخيلوا معي أن يستقيل رئيس “العمالة الوافدة” في دولة الكويت الكويتي الجنسية “عبد الرحمن الغانم” من منصبه بسبب عدم الاستجابة لحل مشاكل الوافدين وعلى راسهم السودانيين. ويقول: شكاوى بالمئات وبلاغات تغيب كيدية وحجز جوازات، والعمالة السودانية هي الأولى في عدد الشكاوى!!.
لم تكن أحلام الشاب “خالد أحمد إبراهيم” تفوق المستحيل، سيما أنه لا يطمح سوى في تحسين وضع أسرته بعد إحالة والده للمعاش، وذلك ما دفعه لأن يتقدم للمعاينات المعلن عنها من قبل وزارة الصحة الكويتية، لاستقدام عدد من التخصصات الطبية المختلفة (فنيو مختبرات طبية ـ أشعة ـ صيدلة ).
يقول “خالد”: تقدمنا  وكنا عدداً كبيراً من أصحاب هذه التخصصات المختلفة لإجراء المعاينة التي كانت ببرج الفاتح ووقع الاختيار علينا، نحن  حوالي مائة من المتقدمين للعمل في دولة الكويت، براتب يبلغ حوالي (350) ديناراً كويتياً، وحينها لم يساورنا أدنى شك في مصداقية الشركة الكفيلة لنا، خاصة وأن العقد جاء عن طريق وزارة العمل (يعني كل الإجراءات سليمة). ويضيف: رغم أنني شعرت ببعض التلاعب عندما جاءت (الفيزات) مقسمة على نوعين، (فيزات عمل وفيزات زيارة)، إلا أنني سارعت بطرد الإحساس الذي ساورني ولم أقبل ببديل لسفري سوى بفيزة العمل.
خوف المساءلة القانونية..
يواصل محدثي ويقول: وفقاً للعقد المبرم مع الشركة فإن المرتب يعتبر سارياً منذ لحظة دخولنا لدولة الكويت، ويجب تسليمه لي. لكن ذلك لم يحدث إلا بعد شهر وهو تاريخ استلامي للعمل، وحينها طلبوا مني ومن معي أن نوقع استلامنا مبلغ (1800) دينار كويتي بغير وجه حق ومن غير إيصالات، خوفاً من المساءلة القانونية مع أننا وقعنا على عقد حكومي. ويضيف: لم تكتفِ الشركة بإلزامنا بالتوقيع  على مبلغ 1800) دينار كويتي فحسب بل تعدته  للمطالبة بمبلغ (50) ديناراً شهرياً تخصم من الراتب، وعندما رفضنا ذلك ونحن مجموعة،  فيما رضخت مجموعة أخرى لمطلبهم، قامت الشركة بالتعنت في استخراج إقامتي، وعندها تقدمت بشكوى لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بدولة الكويت طالبت فيها بإلايفاء بجميع مستحقاتي ومطلوباتي وتشمل  ابتداءً استرداد أصل جواز السفر واستخراج الإقامة والبطاقة المدنية بجانب استرداد أصل الشهادات، وصرف المستحقات، منذ تاريخ الدخول للبلاد في 4/3/2014.
يقول “خالد” لـ(المجهر) لم أنقطع عن عملي داخل مستشفى “مبارك” الكبير في المختبر الرئيسي، قسم الأحياء الدقيقة، رغم الخلافات بيني وبين الشركة الكفيلة لي، كما أنني لم أصرف طوال فترة تواجدي لمدة ثمانية أشهر بالكويت، سوى راتب عشرة أيام قبل أن يتم إبعادي.
ضغوط نفسية  ..
الصراع بين “خالد” والشركة الكفيلة له لم يقف عند حدود الشكوى فحسب فقد أصدرت الشركة  في حقه خطاب إنهاء خدمة بنهاية الفترة التجريبية له، ولكن وفقاً لمحدثنا،  فإن الخطاب لم يكن سليماً، سيما أن الشركة أصدرت خطاباً لا يحمل توقيع وزارة الصحة الكويتية، فكان خطاب إنهاء خدماته مغايراً لخطابات الإنهاء التي استخرجت لمن معه. ويقول: عندما أخطروني بخطاب الإنهاء هذا أكدت للشركة أنني لم استلم الخطاب ولم أوقع عليه، وإنني لا زلت على رأس العمل ورفعت الشكوى لوزارة شؤون العمل الكويتية، وعلق عليها المحقق بالوزارة، أنني لا زلت على رأس العمل، وأحالها للقضاء للفصل فيها. ويستطرد: في تلك الفترة عانيت ما عانيت من ضغوط نفسية وكنت حريصاً معها على أن لا تشوب عملي في المستشفى شائبة، لحين فصل القضاء في قضيتي، للدرجة التي تم معها استخراج شهادة تقييم سلوك في حقي كانت بدرجة امتياز وتضمنت ملاحظات رئيسية منها  أنني ملتزم بمواعيد الحضور والانصراف وأنفذ كل ما يصدر إلي  من أوامر.
إبعاد إداري..
يقول “خالد” في أول جلسة للمحكمة بتاريخ 22/9/ 2014 لم يحضر ممثل الشركة أو المحامي أو من ينوب عنهما، لأتفاجأ بعدها أن الشركة قامت بعمل بلاغ تغيب كيدي ضدي  بالهجرة رغم تقدمي بشكوى لوزارة العمل، وأصبحت بموجب هذا التغيب مطلوباً للضبط والإحضار وأبعدت إدارياً ومنعت من دخول مجلس دول التعاون الخليجي بموجب هذا الإبعاد (يعني حج ما أقدر أحج). ويضيف: بسبب ما حدث لي قام من معي بسحب شكواهم وفضلوا العودة للسودان بدلاً من إبعادهم إدارياً ببلاغ كيدي وحرمانهم من دخول دول مجلس التعاون الخليجي.
لم يبقَ أمام “خالد” وهو يتحدث إلينا سوى شعرة صغيرة تفصله عن الجنون كما يقول، وهو يرى أحلامه تتسرب من بين يديه بعد أن فقد عمله، هنا بالتأمين الصحي، عندما تم فصله للتغيب، إضافة لأنه أهدر ماله ووقته وأصبح مديوناً، وهو يقص علينا ما تعرضت له المجموعة التي رضخت لمطلب الشركة بالتوقيع على استلام (1800) دينار كويتي ومبلغ (50) ديناراً يستقطع من راتبهم شهرياً، وكيف تطور الأمر ليصبح المبلغ (150) ديناراً بدلاً من (50) ثم وصل حداً لتوقيعهم على استلام رواتبهم كاملة. وناشد محدثي حاكم دولة الكويت (أمير الإنسانية) بإزالة الإبعاد الإداري الذي لا ذنب له فيه وطالب بنقل كفالته لوزارة الصحة الكويتية، وأن يتم ذلك في أقرب وقت حتى يتسنى له متابعة قضيته والتي حددت جلستها في  شهر يونيو القادم.
شبهة اتجار بالبشر ..
من المفارقات العجيبة التي توقفت عندها هي أنه وعلى خلفية ما حدث لخالد وصحبه، جاء على صفحات صحيفة (الوطن) الكويتية وبتاريخ 11/ 10 / 2014 خبر استقالة  رئيس مكتب العمالة الوافدة في الإتحاد العام لعمال الكويت “عبد الرحمن الغانم” تحت عنوان: (كشف عن أن بعض الشكاوى تحوم حولها شبهات اتجار بالبشر .. رئيس العمالة الوافدة يستقيل لأنه لم يجد استجابة لحل مشاكل العمال).
وقد جاء في  متن الخبر أن “الغانم” تقدم باستقالته لعدم استجابة عدة جهات حكومية ومنها الهيئة العامة للقوى العاملة لحل المشاكل العمالية أو مجرد النظر فيها، وأوضح “الغانم” في تصريح صحافي أن عدد الشكاوى العمالية المقدمة خلال العام الحالي في تزايد مقارنة بالسابق، حيث تصدرت العمالة السودانية المركز الأول من حيث عدد الشكاوى العمالية المقدمة إلى مكتب العمالة الوافدة في الاتحاد العام لعمال الكويت والتي زادت عن (500) شكوى، أكثرها بسبب عدم الحصول على الرواتب لعدة أشهر وأغلب الشكاوى لعمال مسجلين على عقود حكومية!!!
وبعد ..
إلى متى يظل أبناؤنا عرضة لانتهاك حقوقهم وسلب آدميتهم دون وجه حق سوى أنهم نشدوا رغد العيش بعد أن ضاقوا ذرعاً بالظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد؟ وإلى متى تظل الجهات المعنية في بلادي مكتوفة الأيدي ولا تحرك ساكناً تجاه قضايا حيوية؟ أين وزارة العمل ووزارة الخارجية وسفارتنا مما يحدث لهم؟ ولماذا يشعر غيرنا (بوجيع) أبنائنا ويتقدم باستقالته ونحن نتفرج ولا نلقي بالاً أو نهتم بما يحدث؟ ورغم ذلك يظل “خالد” ومن معه نموذجاً لما يعانيه شبابنا في الخارج، ويجب علينا تداركهم ومساعدتهم في أخذ حقوقهم.

المجهر السياسي

Exit mobile version