تتفوق المرأة على الرجل في تذكر الوجوه والأشكال ، بينما يتفوق هو عليها بتذكر الأرقام وحفظها ، هذا في الغالب ولكل قاعدة استثناء ، فالرجل والمرأة بينهما صفات يشتركان أو يختلفان فيها في الجانب النفسي والاجتماعي والجسدي وحتى في طرق التفكير والتحليل ، ولعل أكثر ما يهمنا بهذا المقال تكوين العلاقات الاجتماعية والصداقات بين الرجل والمرأة ، فالمرأة أكثر حساسية في التعامل مع الناس ويهمها كسب ودهم والتعاون معهم وعدم جرحهم وإيذائهم ، وفي الغالب لا يكون لديها هدف واضح عندما تبدأ بأي علاقة اجتماعية ، فقد تبدأ العلاقة من أجل الحديث أو قضاء الوقت أو التسلية أو التنفيس ، بينما الرجل في الغالب إذا أراد أن يبدأ علاقة أو صداقة فأهدافه ونواياه تكون واضحة تماما ، فهو يعرف ماذا يريد من العلاقة قبل أن يبدأ بها ، وخاصة إذا كانت هذه العلاقة بينه وبين المرأة ، وقد يكون هدفه معلنا أو خفيا ، إلا أنه يسعى بكل جهده لتحقيق هدفه.
فالرجل عندما يقترب من المرحلة العمرية التي يميل فيها للمرأة فإنه يبدأ بتكوين العلاقات والصداقات وفق مخطط واضح في رأسه قد يفصح عنه أو يخفيه ويسعى بكل الوسائل الممكنة لتحقيق أهدافه ، وتتوقف نسبة نجاح المخطط أو فشله على استجابة المرأة له ، فإذا كانت المرأة تتعامل مع الرجل بأسلوب يفهم منه (الزم حدودك) فإنه يتخلى تدريجيا عن المخطط الذي برأسه سواء كان هذا المخطط حسنا أو سيئا ، إلا أنه لا يلغيه تماما ويكون لديه أمل في استجابتها لأهدافه ولو بعد حين ، أما لو تعاملت المرأة معه بأسلوب يفهم منه (خذ راحتك) واستجابت له ، ففي هذه الحالة يشعر بالأمان ويختبر ردة فعلها في كل خطوة ليطمئن أن لديها قبولا لما يفعل ، وبناء عليه يرسم خطته الهجومية نحوها حتى يحقق هدفه الكبير ، وكما قيل في الأمثال (الذيب لا يهرول عبثا) لأنه يهرول وراء غنيمة .
فلولا الاستجابة النسائية لما تقدم الرجال خطوة ، ولهذا قدم الله المرأة على الرجل في جريمة الزنا فقال (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) فالمرأة هي التي تعطي الضوء الأخضر للرجل ، بينما قدم الله الرجل على المرأة في جريمة السرقة فقال (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) ، فالضوء الأخضر هنا من الرجل ، فالزنا قضية عاطفية والسرقة قضية مالية وكل جنس يميل لنقطة ضعفه.
إن الذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع كثرة المشاكل التي تنشأ بسبب علاقات الصداقة بين الرجال والنساء سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين ، وكم من قصة عشتها اكتشفت فيها حيل الرجال في خداع النساء ، ولعل من غرائب حيل الرجال التي مرت علي أن شابا تعرف إلى فتاة وعلم أنها متدينة ، فصار يوقظها كل يوم لصلاة الفجر ويذكرها بالطاعة ، فلما قويت العلاقة بينهما ووثقت فيه ، تمكن منها وأخذ ما يريد من جسدها ثم تركها واختفى عن الأنظار ، وظلت هي تبكي الليل والنهار نادمة على فعلها وعلى خداع هذا الشاب لها . وفتاة أخرى كان الشاب يمطرها برسائل الغرام عبر الوتس أب حتى صدقته ونفذت ما يريد ثم ندمت على ما فعلت .
وفي ظني أن القارئ الآن يقول في نفسه كلامك صحيح ولكن ليس كل الرجال لديهم مخططات سيئة ، وأقول للقارئ العزيز أنا معك في هذا الرأي ولكني أردت أن أوضح قضية اجتماعية منتشرة في مجتمعاتنا ، وأود أن أهمس بأذن كل أنثى حتى لا تخدع وأقول لها انتبهي على نفسك وقوِّ إيمانك بربك ، فإن أكبر بوابة عاطفية يصطاد فيها الرجل المرأة هي بوابة (المدح والاهتمام) ، فالرجل إذا خطط أن يفترس المرأة فإنه يمثل ليوهمها أنه معها في علاقة عاطفية حتى ينال مراده ، فالمعاشرة بالنسبة له عمل ميكانيكي سريع لتفريغ شهوته لا تأخذ منه إلا لحظات ثم ينتهي الأمر ، وهذا بخلاف طبيعة المرأة التي لا تستطيع أن تسلم جسدها لرجل لا تحبه أو قلبها لم يتعلق به ، فالحب قضية أساسية عند المرأة حتى تستجيب للرجل ، بينما هو ليس كذلك وإنما يستطيع أن يمثل الحب حتى ينال مراده .. فلننتبه والله الحافظ.