في فبراير من العام ٢٠٠٩ كان الرئيس أوباما يجتمع بفريقه الاقتصادي للبحث عن أفضل السبل للعبور من الأزمة الاقتصادية..حينما تسلم الرئيس أوباما مقاليد الأمر كانت كل الشركات الكبرى مهددة بالإفلاس ..أحد كبار رجال الرئيس حك رأسه وقال إن كبار الموظفين في القطاع الخاص يأكلون أموال الدولة ..في ذلك الوقت كان دافع الضريبة يمول عدداً من الشركات من بينها مجموعة (سيتي بانك) بمبلغ (٤٥) مليارًا حتى لا تسقط في الإفلاس..في ختام الاجتماع وجه الرئيس أوباما بوضع حد أقصى لرواتب المديرين في شركات القطاع الخاص التي تخضع لبرنامج المساعدات الحكومية..بموجب ذلك الإجراء بات الحد الأقصى للرواتب السنوية في حدود نصف مليون دولار.
قبل أيام أصدرت لجنة خماسية مفوضة من مجلس إدارة بنك فيصل الإسلامي قرارًا بعدم التجديد لمدير عام البنك الأستاذ عمر علي إبراهيم..لم تقدم اللجنة أي مبررات سوى أن الرجل (طول) في المنصب حيث قضى اثني عشر عاماً..هذا المنطق الغريب يطرح وبعض شاغلي المناصب العامة تجاوزوا ربع قرن من الإقامة في نعيم السلطة.
السيد المدير العام المقال انتشل البنك الكبير من الإفلاس ..حينما وصل للمنصب كان البنك خاسراً..في سنوات قصيرة انتعش بنك فيصل الإسلامي وبات البنك الثالث في السودان ..بل تفوق البنك في مجال الخدمات المستحدثة وبات بالفعل بنكاً رائدًا في هذا المجال.
رغم هذا النجاح ارتكبت الإدارة التنفيذية للبنك خطأ قاتلاً قبيل أشهر معدودات ..انتبه زميلنا محمد وداعة أن مخصصات أعضاء مجلس الإدارة ضخمة جداً..كل من الأعضاء المحترمين نال ما يفوق المليار جنيه بالقديم..ليس الخطأ هنا لأن هذه الممارسة رغم سلبياتها محروسة بقانون البنك المركزي الذي جعل نسبة (٥٪)من الأرباح للعاملين عليها..الكارثة أن الإدارة التنفيذية للبنك المحترم قامت بالتلاعب في القوائم المالية ..نشرت الإدارة قوائم جديدة لا تكشف عن الحوافز بشكل صريح وفي هذا تضليل وخداع.
في تقديري كان بإمكان مجلس الإدارة الوقوف عند هذا الخطأ الأخلاقي وإجبار المدير الناجح على الاستقالة..ولكن للأسف لم يحدث ذلك..بل تمت مكافأة الصحف التي نبهت لهذا الأمر بالحرمان من الإعلان .
تبين الآن أن مجالس الإدارات هي المستفيد الأول من الأرباح المصرفية..ليس فقط عبر أرباح نهاية العام..بعض أعضاء مجالس الإدارات يتدخلون في تفاصيل العمل اليومي للمصارف..يوجهون بإعطاء التمويل ويبرعون في محاباة الذين هربوا بأموال المصارف..من يحاول أن يقف أمامهم من مديري البنوك يتم استخدام سلاح الإبعاد في وجهه .
بصراحة..مطلوب حماية المديرين العامين وذلك بتحصين بقائهم في مناصبهم وذلك عبر إخطار بنك السودان بمسببات إنهاء العقود..الأمر الثاني ضرورة امتداد سلطة المراجع العام لهذه الممالك المظلمة ..البنك ليس حكرًا لأصحابه من حملة الأسهم ..بل أن المودعين الذين هم قطاعاً واسعاً من المواطنين سيتضررون إن حدث السيناريو السيء وافلس أي البنك.