إبن زعيم جنوبي: ندمت لتصويتي للإنفصال ..الساسة الجنوبيين يتصارعون حول السلطة وفشلوا في المحافظة على الدولة

لام ماثيو: أكسب قوتي من غسيل السيارات لأنني أرفض العطالة
الساسة الجنوبيين يتصارعون حول السلطة وفشلوا في المحافظة على الدولة
والدي كان رئيس المجلس الإنتقالي للجنوب وحُلم العودة إلى الديار يراودني

ما نعانيه الآن من مشكلات في الجنوب هو أن القادة السياسيين كان هدفهم الوصول إلى الإنفصال دون مراعاة تبعات ذلك وبالتالي لم يقوموا بوضع الترتيبات جيداً حيث أنه كان الأحرى بهم أن يفكروا في ما سيلاقية المواطن حتى لا يكون الضرر على الناس كبيراً هكذا بدأ لام ماثيو أبور حديثه.. وأضاف قائلاً: لم أذهب حتى الآن إلى دولتي الجديدة بل ظللت في وطني القديم الخرطوم.. ويشير ماثيو إلى أنه إبن أحد القادة السياسيين الجنوبيين الأوائل الذين بلوروا قضية الجنوب وأن والده شغل عدة مناصب دستورية، لكن إبنه إنتهى به الحال اليوم وهو يمتهن غسيل العربات في طرقات.
ويمضي الشاب الهادئ في حديثه حول ما آلت إليه الأوضاع في بلاده ولكن وراء ذلك الهدوء تشعر بآلام وحسرة السنين التي دفع قادت إليها الأخطاء والتكتيكات غير محمودة العواقب التي أقحمت المواطنين الجنوبيين في تبعات الإنفصال دون أن يتم ترتيب أوضاعهم وها هم يدفعون ثمنها الآن.
لام من خلال حديثه تمسك بحق شعبه في تأسيس دولتهم لكنه عاب على القادة الجنوبيين فشلهم في الحفاظ على الدولة الوليدة ويقول أنا لم أكن نادماً على الإنفصال رغم ندمي على التصويت للخطوة لأنه جاء بعد نضالات كثيرة وتضحيات عديدة، صحيح نحن اليوم ندفع ثمن تلك التضحية لكن نأمل أن تفضي الأوضاع إلى إستقرار وسلام يعيشه الجيل القادم وهذا ما كنا نعتقده ولكن المشكلة أن القادة السياسيين لم يكن لهم رؤية للحكم وهم يتصارعون حول السلطة وهذه الصراعات التي تدور في الجنوب كلها تدور حول السلطة، وأقول لك اليوم فقط أنا ندمت كوني صوت للإنفصال.

يعمل لام المنحدر من أعالي النيل التي تشهد الآن قتالاً دامي أدى إلى نزوح وتشريد أكثر 57 ألف مواطن من سكانها وإرتبط إسمها بمجزرة ملكال التي وقعت في هذا العام بين الدينكا والنوير، يعمل في غسيل السيارات بالخرطوم، بعد أن فقد وظيفته السابقة وهي وظيفة مرموقة، إلا أن الشاب الذي يلامس العقود الأربعة من العمر يرفض بشدة الإفصاح عن وظيفته السابقة.
كان لام منهمكاً في عملة عندما طلبنا أن يمنحنا بعضاً من وقته ففي وسط تلك السيارات المتناثرة يقف لام ويحمل مستلزمات الغسيل (جركانة وفوطة) نظر إلينا ملياً ثم سألنا بصوت مخفض مملؤ بالأسى والحسرة هو أنت عرفتني من وين؟ وكيف كان عليّ أن أقص له الحكاية وإستجاب ولكن من وقت إلى آخر كان يطلب منا تخطي بعض الأسئلة.

نعم إنفصل جنوب السودان عن الشمال في 9 يوليو 2011 عقب إتفاقية السلام التي وقعت بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، إلا أن الوضع في الدولة الوليدة لم يكن مستقراً الآن في الوضع في الجنوب مليء بالتعقيدات وأخذ الصراع فيه منحى قبلي نظراً إلى أن الدولة الوليدة درجت العادة أن يتم التشكيل الحكومي فيها على نظام المحاصصة القبلية كأساس للحكم.
لام يقول إنه تلقى تعليمه بالخرطوم إبتداءً بمدرسة الرياض المختلطة ثم الخرطوم القديمة وبورتسودان.. ويردف: أنا هنا في السودان لم أشعر بأني غريب ولا أجنبي، فالناس يعاملوننا كأننا جزء منهم وهذا ما يميزنا كسودانيين لدينا عادات وتقاليد راسخة وقديمة قدم وادي النيل.
ويذكر أن اوبور والد لام عندما إختلف مع الرئيس نميري ذهب إلى د. قرنق الذي كان حينها يقود حركة التمرد، إلا أنه سرعان ما عاد إلى الخرطوم بعد الإنتفاضة الشهيرة التي أطاحت بنظام جعفر نميري فعينه الصادق المهدي وزيراً في حكومة الديمقراطية.

وحول ذهابهم إلى الجنوب يقول لام: نعم حلم العودة إلى الديار يراودني ولكن هناك بعض العقبات.. على كل حال سأواصل في عملي وهو عمل أفضل من أكون عاطلاً.. أنا هنا أغسل مابين ثلاث إلى أربع سيارات في اليوم وهذا جيد.
رفض لام الإفصاح عن عمله السابق بيد أن ذاك السؤال هو الآخر يطرح سؤالاً عن جدوى ذلك مادام هو الآن خارج تلك المهنة العريقة والتي رفض أن يكشف عنها.. إنها حسرة السنين وتبديل الحال.

الخرطوم: أبوعبيدة عوض- مي عزالدين
صحيفة السياسي

Exit mobile version