*منذ أن حل الوافد الجديد ببلدتنا والشباب لا حديث لهم سوى ابنته..
*لقد كانت أسرة من السلالة السودانية – ذات البياض- تتكون من أفرادٍ أربعة..
*أما الابن فما كان لأولاد البلدة من (حق) فيه عكس الذي قال قوم لوط له إزاء بناته..
*وأما البنت فقد كانت في المرحلة العمرية التي عناها الشاعر بقوله:
نظرت إليها نظرة وهي عاتكٌ…
على حين أن شبت وبان نهودها…
*وأكثر رصفائنا ولهاً بالبنت كان حسين (المتشاعر)..
*واجترح فكرة غريبة – غرابة أشعاره – لرؤية الفتاة..
*فما كان أبواها يسمحان لها بمغادرة البيت أبداً ..
*أو على الأقل لحين فتح المدارس أبوابها عقب الإجازة الصيفية..
*أما فكرة حسن فقد تمثلت في الاستعانة بخشبتين طويلتين يربطهما مع قدميه..
*ثم لا تظهران من وراء سراويل بـ(لون الخشب) ..
*ومع طوله الجديد هذا – المصطنع – كان بمقدوره النظر من فوق الحائط إلى الفتاة..
*أن يختلس النظر من فوق (منصة متحركة) عوضاً عن ثابتة قد تلفت الأنظار..
*والوقت الذي كان يمارس فيه (فعلته) هذه هو ضحى كل يوم عدا الجمعة..
*فالأب في عمله ، والابن بالخارج ، والأم عند جاراتها..
*وسبب مقدمتنا الطويلة هذه – طول ساقي حسين – هو مهاتفة من صديقي الشاعر سعد الدين إبراهيم..
*فقد تحدث إلى منزعجاً – لأمر ما – إلى أن تهدج صوته..
*قال إن مشكلة كبيرة قد حدثت ويريد أن (يفضفض) معي بخصوصها..
*سألته إن كان أصابه مكروه فأجاب بالنفي..
*طيب (أم العيال) أو أحد أفراد الأسرة ؟ قال لا …
*إذن حدث شيء سياسي (خطير) في البلد؟ رد بأنه ما كان لـ(يهتم)..
*وبعد أن أخذ نفساً (شوية) قال إن المشكلة هي (الكلب)..
*أي الكُليب (العجيب) ذاك – ولا نقول الكلب – الذي كنت قد كتبت عنه من قبل..
*ومبعث العجب أنه كلب (مهجن) ذو قوائم لم أر أقصر منها من بين كل ما شاهدت من كلاب (سودانية)..
*والمشكلة لم تكن سوى أن (الكُليب) قد أصابته (نفسيات) لعدم وجود (الرفيقة)..
*أي الرفيقة القصيرة التي (على أدّه)..
*وصرخ شاعرنا المرهف – من شدة الفرح – حين ألهمته الحل..
*وأغلق الخط- سريعاً – ليبحث عن (الخشبات)..
*وتمنيت – ساعتها – أن لو كل مشاكلنا (الكبيرة) تُحل بخشبات (طويلة)..
*خشبات تجعل (رموز أزماتنا) يرتقون إلى (مستوى) التحديات..
*ثم ينظرون إلى واقع ليس في لون – أو جمال – فتاة حسين..
*واقع أسود و(قبيح !!).