ما الذي يجبر د. غازي صلاح الدين على انتظار أن يرى النهايات التي يتنبأ بها الآن..
الدكتور غازي صلاح الدين رئيس حزب حركة الإصلاح الآن، حملت له صحف الأمس في عناوينها الرئيسية تصريح أن (الحوار الوطني) بشكله الراهن سيفضي إلى (صفقات ثنائية)..
وبالطبع يقصد بـ(الصفقات الثنائية) اتفاقات بين حزب المؤتمر الوطني من جهة وكل حزب منفرداً من جهة أخرى.. بحيث يصبح الشكل النهائي للمشهد السياسي السوداني في صورة (ستاليت) Satellite كأشعة الشمس.. بؤرة مركزية تنطلق منها أشعة.
فإذا كانت تلك هي نهاية الحوار الوطني.. وغازي عرف ذلك. وكثيرون غيره يتفقون معه.. فما الذي يجعل الجميع ينتظرون (آخر) الفشل.
في تقديري.. لا ضير.. فليستمر الحوار الوطني بمن حضر وبدون من كفر (بالحوار طبعاً).. وليستمر في طريقه ليصل إلى غاياته بعد شهر أو سنة أو خمس سنوات أو لا يصل.. لكن ما الضير في أن ينفتح باب الحوار على مصراعيه في مسارات أخرى..
هل الحوار (ماركة تجارية مسجلة) باسم الوطني.. لا يجوز استخدامها إلا في المسار الذي حدده؟
لماذا لا تفتح مسارات أخرى للحوار.. طالما أن الغاية صيانة وطن من التفكك واستلهام طريق مبصر للمستقبل.
ما زلت مقتنعاً بأن طريقاً جديداً لا بد أن يبتدر.. بمنهج مختلف.. وعقلية مستحدثة.. أن تتولى جهة محايدة يحترمها الجميع تنظيم مؤتمر (مائدة مستديرة).. يجمع العقول التي يهمها مصلحة البلاد دون الاعتداد بالبطاقة الحزبية وحدها.. فالوطن للجميع.. والنار التي تندلع فيه لن تحرق الساسة وحدهم.
الفكرة سهلة.. تنظيم مؤتمر (مائدة مستديرة) تمهيدي على مستوى الخبراء.. الذين يضعون الأسس الفنية التي بني عليها الحوار ومطلوباته وشروطه..
لكن يكون صعباً التفرس في كل معضلات السودان بنفس هادئ وفكر مستنير بعيداً عن رهق السياسة وتوتراتها ومتاهاتها طالما الأمر كله في كنف تحضير علمي وفني مستنير ودقيق.. ولن يحتاج الأمر إلا لبضع أيام للوصول إلى مخرجات تمثل خارطة الطريق التي تهدي السودان طريق النور وتخرجه من النفق المظلم.
لا داعي لإضاعة الزمن طالما أن الجميع مدرك أن مشروع (الحوار الوطني الشامل) بشكله الحالي هو هدر للعمر الوطني بلا طائل.. أسوأ ما يمكن أن يفعله أي إنسان أن يسير في طريق يعلم أنه لن يصل إلى النهايات المرجوة.
اقترحت في مرة سابقة تخير شخصيات وطنية مقبولة للجميع (مثلاً البروفيسور الجزولي دفع الله) وآخرين ليكونوا اللجنة الإشرافية على حوار مستنير بصير مبني على رؤية علمية وفنية معلومة المواقيت والغايات.. وكثيرون من أبناء هذا البلد النبيل هم رهن الإشارة بوقتهم وفكرهم وجهدهم بل ومالهم.. هم رهن الإشارة.. فلماذا نضيع الوقت في قبض الريح.