حين أعلن مجلس الصحوة الذي يقوده موسى هلال عن مبادرته لحماية صناديق الاقتراع ومراكز الانتخابات بوساطة قواته العسكرية القبلية طالبنا الحكومة حينها بأن ترفض قبول هذه المنحة بل تواجهها بحسم وتطالب موسى هلال ومجلسه بتسليم سلاحهم بغض النظر عن موقفه مؤيداً أو متمرداً ..
ما يحدث بين الرزيقات والمعاليا ليس جديداً ولا غريباً لكن المخيف فيه هو استمرار امتلاك تلك القبائل لأسلحة بل امتلاكها لأسلحة ثقيلة، وامتلاكها لجيوش وعتاد عسكري.. كيف يحدث هذا؟.. وهل الدولة التي انتصرت على أكبر حشد عسكري لمليشيات العدل والمساواة قبل أيام لا تستطيع منع القتال الذي حدث بين المعاليا والرزيقات في أبو كارنكا وتلك المعركة القبلية التي حصدت أرواح العشرات وشردت آلاف المواطنين.. المعركة القبلية التي خسر فيها الطرفان بلا أسباب؟.. وهل كانت الدولة تتوقع نتيجة غير هذه النتيجة جثثا ودماء وأشلاء متناثرة لعشرات القتلى في مواجهة بين مليشيات قبيلتين تمتلكان أسلحة ثقيلة وعتادا عسكريا، في حرب قبلية هي أسوأ بل أبشع من حروب الجاهلية بل أطول عمراً من أشهر تلك الحروب.. فلو كانت حرب داحس والغبراء استمرت أربعين سنة فإن تاريخ الصراع بين الرزيقات والمعاليا تجاوز عمره الآن تلك الأربعين عاماً بل لامس نصف القرن، حرب بلا أسباب.. نعم بلا أسباب فنحن نعيش في عالم وزمان كنا نعتقد أنه يختلف عن العالم والزمن الذي عاش فيه عنترة بن شداد وقاتله الليث الرهيص..
ما بين المعاليا والرزيقات حرب عبثية يموت فيها أبناء الوطن بالمجان وقد انتهى زمانها، مضى زمان العصبية والهمجية والفوضى وقتل الأبرياء لأسباب تافهة.
إنهاء هذه الصراعات القبلية هو واجب الدولة بالدرجة الأولى.. وتجاوز الصبر عليها الحد المعقول والمقبول ولا يجب تكرار الخطأ بالثقة في عهود هؤلاء ومواثيقهم والتي يمزقونها مع أول حادث أو احتكاك. كما أن استمرارها هو أكبر علامات فشل الدولة.. لا شيء مقدم على حسم هذا الملف الذي يضع قدرات الدولة الأمنية في المحك.. ولو لم تنجح اتفاقيات الصلح بين تلك القبائل فإن الخيار الثاني مباشرة هو تجريد قيادات تلك القبائل من سلطاتها والإتيان بقيادات من العقلاء الملتزمين بالقانون والأمناء على أهلهم وليس أمثال هؤلاء الذين يعتقدون أن أرض القبيلة هي ممالك خاصة لها قانونها الفوضوي ودستورها الهمجي.. الرحمة والمغفرة للضحايا والعزاء والصبر لأهلهم ولنا وللوطن الجريح..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.