“أنا بمشى للفقرا ديل بعرفوا ترتيبك!”
في إحدى حفلات الأعراس التي حضرتها مؤخرا كانت (الغناية) التي نزلت السوق حديثا كما بدا عليها والتي بذلت جهدا واضحا في صنع (ستايل) خاص بها وهي تمزج ما بين وجهها (المبروط) وبنطلونها اللاصق وعدساتها الخضراء وشعرها الأحمر المستعار، وكعادتي في استكشاف ورصد أغنيات البنات الجديدة الجريئة ذات الدلالات والمعاني والإيحاءات التي يمررن عبرها أجندتهن الخاصة، لفتت انتباهي تلك الأغنية التي كانت الفنانة تتغنى بها بصوتها المتحشرج المبحوح وهي تتوعد:
والله أنا ما بسيبك
أنا بالبخرات بجيبك
أنا بمشي للفقرا ديل بعرفوا ترتيبك!
وكعادة (الغنايات) وحركاتهن التي تتمثل في إضفاء مزيد من الإثارة والبهارات وكأن الغناء العام منظوم خصيصا من أجل أهل المناسبة بدأت في مدح قبيلة أهل العروسين وسرعان ما عرجت على اسم العريس وإخوانه وأصحابه واحدا تلو واحد.. وبينما هي على هذا الحال لم تتردد في زج اسم العروس بين ثنايا (والله أنا مابسيبك) فأصبحت الأغنية (يا فلان فلانة ما بتسيبك وبتجيبك بالفقرا البعرفوا ترتيبك) مما جعل بعض الحضور يعلقون بخبث و(تحت تحت) وهم يتأملون ملامح العروس الباهتة الخالية من مسحة جمال وحتى (نورة) العرس المجانية التي تهبها الملائكة للعرسان دون جهد يذكر كما تقول حبوباتنا، وهم يهمسون سرا بأن الفنانة معها حق، فقد كانت العروس (شينة) بكل المقاييس وليس فيها ما يعجب ظاهريا (الكلام الأخلاق طبعا)!! متصورين وتبعا لموود ومؤشرات الأغنية الهابطة أن البخرات ربما هي التي أوقعت بالعريس في مصيدة العروس وجعلته يختارها ويفضلها على عشرات الحسناوات من بنات أهله ومعارفه وحتى بنات الجيران اللاتي ازدحمت بهن صالة المناسبة وهن يتغامزن أمامها بغنج ودلال وتلمع فلاشات كاميراتهن ليحظين بصورة للتمعن فيها وتشريح ملامحها لاحقا واستعدادا لشمارات ونميمة ما بعد الحفلة. ما علينا !!
فالأغنية ببساطة تتضمن اعترافا علنيا وليس ضمنيا من قبل البنات، بما أن الأغنية تحسب عليهن بإعتبارها (غنا بنات) وناطقا رسميا بلسان حالهن أن (الفقرا) أحد الأسلحة التي يلجأن إليها لا محالة في تسليك أمورهن العاطفية.. وحكاية استعانتهن بالفقرا والمشايخ لم تعد سرا بينما عبارة (ما خلتو براهو) في إشارة واضحة بأن المعنية لجأت لفكي كارب أصبحت واردة كأحد التعليقات في كل زيجة أو علاقة يحتار في أمرها المحيطون!
يقال أيضا وكما نقلت أخبار الصحف قبل مدة كيف أن حفار القبور الشهير(درمة) عثر على زجاجة مدفونة وفي أعماقها (عمل) كتب بين طياته اسم أحد الشباب كي يتعلق قلبه بإحدى الفتيات، المهم الظروف وسوء طالع الفتاة الذي أبى واستعصى حتى على شياطين السحر جعلت العمل (يطرشق) ، ولا أدري هل (فك) بنج سحر المحبة من ذلك الشاب وأفاق من غيبوبته الغرامية بعد نبش العمل أم أنه ما زال عالقا هناك ينتظر ليلاه، أم أن العمل كان (فالصو) ولم ينجح من الأساس ومازال قلب المعشوق حرا طليقا ينتظر تدابير سحرية أخرى، أم ما زالت هي تساسق (بالدريب) للفقرا حتى الآن بحثا عن ضالتها المنشودة وقلب رجل لم تستطع السيطرة عليه بإرادته لتنجح في السيطرة عليه بـ(الكواديك).
ذات الأخبار نقلت حكاية شاب لم يتردد في تلقين فكي بالسوق العربي علقة ساخنة بعد أن اكتشف عدم جدوى وفعالية عرق المحبة المضروب الذي اشتراه منه في استمالة قلب محبوبته، مما يشير إلى أن الرجال أيضا يلجأون لمثل تلك الأساليب عندما يفشلون في فرض سطوتهم على قلب أنثى بالتي هي أحسن !
أ. فايقة يس
تلويح:
اليوم نفرد الاندياح للزميلة الغالية (فايقة يس) تضامنا مع مبدعى (حكايات) الذين نفتقدهم ونتوق لعودة أقلامهم المميزة.