قال: أنا مقبل على الزواج وقد اخترت فتاة طيبة وخلوقة ـ وإن شاء الله ـ يكون زواجنا مباركا وناجحا، فماذا تحب أن تقول لي بمناسبة قرب ليلة عرسي؟ قلت له: نبارك لك أولا بهذا الزواج ونسأل الله أن يجمع بينكما بالخير، وما دمت مقبلا على الزواج فأخبرني بعشر صفات تتوقعها من زوجتك في المستقبل، قال: فاجأتني بهذا السؤال، ولكنني أتوقع أنها محترمة وخلوقة وطيبة، ثم سكت فقلت له: هذه ثلاث وباق سبع، قال: وأنها تحترمني وتحبني وأن نعيش معا عيشة سعيدة، وأنها تتفهم ظرفي فأنا حالتي المادية متوسطة وأنا أكبر إخواني، وأمي لديها مرض مزمن فلابد أن أرافقها، قلت له: وهذه ثمانية توقعات وباق لك اثنان، فقال: تعرف عندما قلت لي: اذكر لي عشرة توقعات ظننت السؤال سهلا، ولكنني أشعر الآن بصعوبة الإجابة عنه واكتشفت أن المعلومات التي لدي عن الفتاة قليلة، ابتسمت وقلت له: هذا ما كنت أريد أن أوصله لك، فنحن غالبا في بداية زواجنا نتوقع أشياء كثيرة عن الطرف الآخر، ونعيش في أحلام كبيرة وخيال واسع، ولكننا نفاجأ بعد مرور شهر أو سنة من الزواج بأن توقعاتنا لم تكن صادقة أو كنا مبالغين فيها.
قال: كأن تفكيرك بالطريقة هذه يدعونا للتشاؤم؟ قلت: أبدا، فالتشاؤم منهي عنه، ولكنني أريدك أن تدخل في مشروع الزواج بقدم ثابتة ورؤية واضحة، وأريدك أن ترى نجاح زواجك مستقبلا عن علم لا عن خيال ووهم، قال: وكيف ذلك؟ قلت: دعني أضرب لك مثلا من كلامك، إنك قلت لي إنك ستلازم أمك بسبب مرضها، فهل تحدثت مع خطيبتك بهذا الأمر؟ قال: لا، لماذا أكلمها.. فهذا واجب وعليها أن تتفهم هذا الواجب، قلت: إن تفكيرك هذا سيقودك لفشل زواجك، لأنك توقعت من زوجة المستقبل أمرا لم تحدثها فيه ولم تناقشها به، فكيف تطالبها بشيء لم تتفق معها عليه؟ إن مثل هذه الطريقة في التفكير تجعلك تشاهد مفاجآت وصدمات كثيرة في زواجك.
قال: وما فائدة التوقعات قبل الزواج؟ قلت: إن أكبر خطأ يرتكبه المقبلون على الزواج هو «التوقعات غير الواقعية)، فيصدمون بعد زواجهم بسبب خطأ توقعاتهم، ولهذا نحن ننصح بأن تكون التوقعات أقرب للواقع من خلال جمع المعلومات عن الطرف الآخر وتحليلها حتى نحسن التعامل مع أي مفاجأة مستقبلية بروح رياضية ونفس راقية.
قال: وضح لي أكثر، قلت: مثلا لو كانت والدة الفتاة التي ترغب في الزواج منها بخيلة أو عصبية، فإنك تتوقع أن تكون الفتاة مثل أمها وهذا يسمى توقعا وليس تشاؤما قد يتحقق أو لا، فلو تزوجتها واكتشفت أنها عصبية فإنك لا تصدم بزواجك لأنك توقعت ذلك، ولو أنك تزوجت فتاة يتيمة فإنك تتوقع شدة تعلقها بك، أو لو كان والدها طلق أمها أو عاشت الفتاة في معاناة تعدد الزوجات أو كانت تشاهد أباها يضرب أمها دائما، فإنها في الغالب ستأتيك وعندها مخاوف من تكرار مثل هذه الظروف الأليمة التي عاشتها في حياتها الجديدة معك، إن ما أقوله لك: هذا ليس تشاؤما وإنما هو توقع، وهذا التوقع لم يأتِنا من فراغ وإنما من معلومات جمعناها عن ظروف هذه الفتاة.
فكل إنسان تشاهده اليوم هو عبارة عن امتداد لتاريخه التربوي، فتوقعاتنا لا تجعلنا ننسحب من الزواج بل نقدم عليه ونتعامل مع المفاجآت التي سنعيشها من غير صدمات وهذه ميزة التوقعات الواقعية، وإذا نجحت في تطبيق هذا التكنيك فإنك ستكون متفائلا في زواجك، لأن التفاؤل هو أن تتوقع الأحداث الحسنة أو أن ترى الأحداث السيئة من زاوية حسنة، فهذا معنى التفاؤل وإذا كنت كذلك فستكون سعيدا في زواجك بإذن الله تعالى، قال: شكرا على هذا المعنى الجميل الذي حدثتني فيه، قلت: ولا تنسى تدعونا في حفل زواجك، فابتسم وقال: أنت أول المدعوّين.