جلسة مع الأخ الكريم الدكتور الشيخ البشير أبو كساوي مدير هيئة الأوقاف الاسلامية بولاية الخرطوم يوم أمس, إستغرقت وقتاً طويلاً, حول مفهوم الوقف وفلسفته وعائده وأثره على المجتمع, وقد جاءت تلك الجلسة إستجابة لدعوة كريمة من الأخ الكريم الدكتور كمال الشريف لتقديم برنامجه بإذاعة القوات المسلحة, الذي يحمل إسم (البيت الواقف), وقد اجلسني على مقعد المحاور, بينما تولى هو أمر المداخلات في هذا البرنامج الاذاعي الذي ترعاه هيئة الأوقاف الإسلامية بولاية الخرطوم.
إتفقنا على أن ثقافة الوقف ضعيفة, ولا مكان للأوقاف في مناهجنا وبرامجنا التعليمية, ولا مساحة كافية للوقف في برامجنا الاعلامية المسموعة أو المرئية ولا في صحافتنا المقروءة بما يسمح للوقف أن يكون له وجود وفعل وأثر, في حياة الناس والمجتمع.
خرجت شخصياً بنتيجة مهمة, وهي أن ثقافة أجدادنا وآبائنا في شأن الوقف والأوقاف, أقوى وأفضل من ثقافتنا, فقد كان تأثير المنابر الدينية مهماً وقوياً ومباشراً, لذلك كانت كل رموز المجتمع الاقتصادية في أول صف (الواقفين), عقاراتهم وأموالهم من أجل المجتمع, مؤكدين على رسوخ مفهوم وثقافة الوقف في السودان, حتى قبيل ظهور الاسلام.
حلقات الدرس ومنابر المساجد والخطباء وتأثير شيوخ الخلاوى كان مباشراً, و (بثه) مباشر, ونسبة التركيز عند المتلقي الأكبر وإعمال الفكر والخيال والتصور من خلال السرد والقصص, كان يجد طريقه مباشرة إلى عقل الدارس والمتلقي, ولم يكن هناك فرصة لـ(تغيير القناة) مثلما يحدث اليوم.
الآن إذا كانت هناك برامج دعوية مباشرة أو غير مباشرة قد لا تجد من يشاهدها أو يصغي إليها بذات الاهتمام القديم عند الأجيال السابقة, لذلك ضعفت ثقافة الوقف لدى الكثيرين, كماأن الدولة نفسها لم تهتم بترسيخ وتركيز هذه الثقافة ومفهوم الوقف من خلال المناهج الدراسية, لأن مايرد حول هذا الأمر لايعدو أن يكون مادة قصيرة مدعومة بحديث نبوي شريف, دون أن نعمل على تعميق المفاهيم في نفوس النشء.
إذن منابر الدرس والخطابة وحلقات المساجد لم تزل هي واحدة من الوسائل المؤثرة, وهذا يتطلب ايضاً أن يتم تعاون كبير ومثمر بين كل الجهات الرسمية والمختصة في شأن الدعوة, والدين للاهتمام بإدخال (الوقف) ضمن ما يتم تدريب الدعاة والأئمة عليه.
حديث الدكتور الشيخ أبو كساوي حمل العديد من الأفكار الجديدة والجريئة, وقد تم الاتفاق بيننا وبين إذاعة القوات المسلحة, على نشر نص ما دار بعد بثه في الاذاعة, ونسأل الله التوفيق والسداد لنا أجمعين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا الله يا رحمن يا رحيم يا رازق يا كريم يا مالك الملك يا ذا الجلال والاكرام.. آمين..
و.. جمعة مباركة