تعرف الهجرة بأنها الفعل الإنساني الفردي أو الجماعي المنظم كان أو العشوائي للإنتقال إلى منطقة جغرافية لأخرى بحثاً عن حياة أفضل سواء كانت إقتصادية أو إجتماعية أو حتي سياسية فهي بذلك تعد ظاهرة ديمغرافية وتتأثر بالكثير من العوامل والمحركات الداخلية أو الخارجية ومن أهمها ديناميكية سوق العمل
ونتيجة للتحولات الكبيرة على مختلف الأصعدة والتي شهدها العالم وما تبع ذلك من نقلات وتطورات في مفهوم الهجرة وإن السودان ليس بمعزل عن المحيط المحلي والاقليمي وإزادت في الأونة الأخيرة ظاهرة الإغتراب للسودانيين بشكل جماعي نتيجة للضغوطات الإقتصادية وغيره من العوامل وليست الحروب التي تشهدها بعض المناطق بمعزل عن الأمر وتلك الدوافع فكان لافتاً جداً الكم الهائل والتفريق الذي حدث للمجتمع السوداني والتحولات الكبيرة وفي البال هنا التصريحات التي إدلى بها الأمين العام لجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج السفير حاج ماجد سوار عن هجرة 15 ألف شاب خلال 3 أشهر أي بمعدل 5 ألف شاب كل شهر بجانب المئات من الشباب المتسللين غير الشرعيين الذي ضبطتهم القوات المشتركة السودانية الليبية على حدود البلدين بعد وفاة 9 منهم وإنقاذ 305 آخرين أعيدوا إلى حاضرة الولاية الشمالية دنقلا وتمت محاكمتهم بالغرامة 400 جنيه لكل فرد وأطلق سراحهم للبحث عن منفذ آخر للمغادرة.
وبحسب إحصائيات لمنظمة الهجرة العالمية فإن عدد المهاجرين في مختلف دول العالم قد بلغ 250 مليون مهاجر هذا بخلاف غير الشرعيين ولم يتم احصاءهم بالشكل الرسمي وهذه الاحصائيات توضح بجلاء تام التغيرات التي حدثت على مستوى العالم والدول التي باتت تنتهج سياسات جديدة بشأن التعامل مع المهاجرين من مواطنيها سواء كان في مجالات توفير الحماية والمتابعة لحلحلة قضاياهم أو الإستفادة من خبراتهم المكتسبة ومسألة الإستفادة القصوي من التحويلات المالية ودعمها للإقتصاديات المحلية لتلك الدول .
حقوق المغترب السوداني :
إلا أن السودان وبرغم الإنتشار الكثيف لمهاجريه بدول العالم وماتركوه من تأثيرات كبيرة وواضحة المعالم على تلك المجتمعات المحلية سواء كان في مجالات العلوم أو الإقتصاد أو الإدارة إلا أن الإستفادة من تلك الخبرات لم يتم حتى الآن بالشكل المطلوب والأمثل نسبة لثبات السياسات التي تنتهجها الدولة تجاة الإنسان المهاجر وعدم إبدال الخطط والنظرة التي في مجملها قد تكون سالبة للمهاجر السوداني وبحسب الخبير في الشئون الانسانية الهجرية الدكتور علاء الدين عبد الرحمن أن هناك غياباً تاماً لمؤسسات الدولة السودانية خاصة وزارتي الخارجية والمالية بشأن متابعة قضايا ومشكلات المهاجرين السودانيين بالخارج وأشار إلى ضرورة أن تنتهج الدولة سياسات واضحة وعلمية بشان التعامل مع المغترب السوداني والإستفادة منه وحماية مصالحه وحقوقه أسوة ببقية دول العالم تزامناً مع التغيرات والمتطلبات التي قضتها المرحلة الآنية من عوامل كثيرة في مقدمتها العولمة وإنفتاح الحدود وحريات التنقل بجانب التطورات المصاحبة لعمليات الهجرة والإعداد الهائلة للمهاجرين الباحثين عن فرص حياة أفضل .
تغيير السياسات:
وأشارإلى أن السودان لم يستفد بالشكل المطلوب من مهاجريه في دول العالم وطالب بضرورة أن يستصحب ذلك تغييراً جذرياً في سياسات الدولة الخارجية تجاه اؤلئك السودانيين الذين ينتشرون في العالم ونوه علاء إلى أن تلك التغيرات يجب أن تكون بحجم الخطط والدراسات سواء كانت من خلال إجراء البحوث الاستراتيجية والمعلومات والاحصائيات الدقيقة وطريقة الاستفادة القصوى من التحويلات الهجرية والخبرات والكوادر العلمية المؤهلة ولفت إلى أن الأعوام الخمس الأخيرة خاصة وأنها شهدت تدافعاً كبيراً للهجرة للخارج وأن أعداد السودانيين قد ارتفعت بشكل غير مسبوق مما تتطلب الأمر وضع الخطط والدراسات الاستراتيجية و مستقبلية لمجابهة القضايا والمشكلات التي تواجه السودانيين بالخارج.
إهمال السفارات:
وقال إن الهجرة في السابق كانت تقوم على الفرد وأنها اختلفت الآن وأصبحت تقوم على الاقتصاد وارتباطاتها بالتنمية واقتصاديات الأسر وطالب الدولة بضرورة تغيير النظرة السالبة للمهاجر والعمل الجاد على حماية مصالحه وحقوقه من خلال تنفيذ حماية أكبر في ظل تفشي ظاهرة الإتجار بالبشر على مختلف دول العالم .وإتهم سفارات السودان بالخارج بعدم الجدية في التعامل مع قضايا السودانيين هناك وأن التعامل ذلك يفتقر لأبسط مقومات الإستعداد لحماية حقوق السودانيين بالخارج ولفت إلى أن الأمر مرتبط بتخوف بعض السفارات من تفادي ما وصفه بالإحراج ودفعهم لصغار الموظفين للتعامل والتصدي لقضايا تحتاج تمثيلاً أكبر بدرجة سفير أو حتى مستشاراً ونوه إلى أن الخطوة تلك من قبل السفارة تأتي لتجنب الدخول في صراع مع تلك الدول وتأثير ذلك على العلاقات الدبلوماسية وأشار إلى أن ابتعاث موظفين وليس سفيراً أو مستشاراً .
هوية الجيل الثاني:
وتختلف قضايا السودانيين في أوروبا عن رصفائهم في الدول العربية بحسب تقرير لمركز دراسات الهجرة بجهاز المغتربين وتتلخص مشاكلهم هناك في مسألة الهوية للجيل الثاني بجانب اللجوء والتعليم واللغة والدين إضافة للإندماج وسط المجتمع فيما تتمثل المشكلات الأساسية في بعض الدول العربية في طرق العودة من بعض البلدان التي تواجه مشكلات سياسية وانفلاتات أمنية مثل سوريا وأفريقيا الوسطى في ظل عدم توفر التمويل اللازم لعودة اؤلئك العالقين وفي دولة ليبيا إضافة للهجرات غير الشرعية والمغامرات التي ينتهجها السودانيين للوصول إلى هناك نجد أن هناك مشكلة آنية لم تجد الحل حتى الآن وهي مشكلة الرسوم الدراسية للطلاب السودانيين خاصة في مرحلتي الأساس والثانوي برغم التوصيات العديدة التي رفعت بهذا الشأن ومخاطبة الجهات المختصة بدولة ليبيا.
قلق المهن الهامشية:
وبالنسبة لأوضاع السودانيين في دول الخليج فان الفترة الماضية قد شهدت تطوراً لافتاً على صعيد طبيعة العمالة السودانية هناك من حيث الحجم والنوع الأمر الذي وصفه التقرير بأنه يدعو للقلق لجهة الإزدياد المضطرد لتلك العمالة خاصة غير الماهرة ونشوء مهن هامشية أخرى لم تكن موجودة في السابق مثل تقليم الأظافر ،مدبرة منزل وعامل تربية مواشي وغيرها من المهن الهامشية التي لم تكن سائدة في الماضي وإن الأمر يمكن من شأنه أن يلقي بظلال سالبة على الصورة الذهنية للعامل السوداني ولسوق العمل الوطني وقدرته التنافسية.
وأشار التقرير إلى أن قضايا السودانيين في دول الخليج عموماً تتلخص في القضايا القانونية فيما يتعلق بعقود العمل ومخالفات الإقامة وقضايا التعليم والمناهج القطرية ومسألة معايرة الشهادة غير السودانية وقوانين الدول المانعة لفتح مدارس سودانية هناك إضافة للمشكلات الإجتماعية والأخلاقية والتفكك الأسري ومسألة توطين الوظائف .
ظلم ذو القربي:
في المقابل صب العشرات من المغتربين السودانيين بالمملكة العربية السعودية جام غضبهم على سفارة السودان لدى الرياض متهمين أياها بما سموه ب (مرمطة سمعة السودانيين بالمملكة ) من خلال دورها السلبي والصوري و إهمال قضاياهم وعدم التدخل لحلحلة مشكلاتهم التي قالوا أن بعضها بسيطة إلا أنها تتطور لعدم وقوف السفارة وعدم مقدرتها على الدفاع عن حقوقهم مما يقود إلى السجن وضياع الحقوق ومكتسبات السودانيين وقال عدد منهم في إتصال بألوان أن سفارات دول أخرى أقل مكانة من السودان تولي رعاياها اهتماماً متعاظماً وأنها تهتم بقضاياهم ومشاكلهم وتعمل على تقصي الحقائق إلى أن تجد الحل اللازم لافتين إلى أن أعداداً كبيرة من السودانيين يوجدون في سجون المملكة لمختلف الأسباب والمشاكل التي يمكن أن تحل في حال وجدت السفارة وطاقمها التي غالبا ما تكتفي بارسال مناديب قالوا أنهم لاحول ولا قوة لهم وأشار اؤلئك المغتربون بأنهم يعانون أشد المعاناة من الإهمال والظلم الذي يتعرضون له من القائمين على أمر السفارة بالرياض التي قالوا أن مقرها يقع في المنطقة الوسطى للملكة العربية السعودية وأن المناطق الشرقة والغربية لا توجد بها مكاتب لقنصليات أو ممثلين للسفارة كبقية دول العالم .لافتين إلى أن وفداً من السفارة كان يأتي المنطقة الشرقية كل ستة أشهر لتقصي أوضاع السودانيين ومشاكلهم إلا أنه منذ قرابة العام وإلى الآن لم يقوموا بأي زيارة.
تنسيق اللجان وحلول جذرية:
وطالب المغتربون القائمون بامر الدولة ووزارة الخارجية وجهاز المغتربين بوضع مصلحة المغترب السوداني كأولولية والعمل على إزالة العقبات والمشكلات التي تواجه المغتربين في كافة أنحاء العالم وليس السعودية فحسب وأن يتم التعامل معه كواجهة تعكس وجه السودان المشرق منادين بضرورة خلق جسم تنسيقي بين جهاز المغتربين والخارجية كجسم للتدخل السريع لحل ومجابهة القضايا التي تواجه المهاجرين السودانيين والعمل علي إنصافهم وإنجاز معملاتهم والدفاع عن حقوقهم بجانب ايلاء الخارجية امر المغتربين إهتماماً متعاظماً وأن يتم التصدي لقضاياهم من أعلى مستوى من جانب السفير وليس مندوباً أو موظفاً إدارياً. فيما أشاروا إلى كافة المؤتمرات والورش التي تعقد لمناقشة قضاياهم ومشكلاتهم لاتجد توصاياتها طريقاً للتنفيذ وأنها تظل حبيسة الأدراج برغم أن الذين شاركوا في وضعها علماء وخبراء ومختصون كل في مجاله مطالبين بأن يأتي مؤتمر المؤتمر العام السادس للسودانيين العاملين بالخارج المقرر إنعقاده في الفترة من 19-21 أغسطس بالخرطوم بمخرجات واضحة وبناءة تصب في خدمة قضاياهم وأن يتم مناقشتها بشكل عام وبشفافية تفي للتوصل إلى حلول جذرية لكل مايعاني منه المغترب السوداني في دول المهجر.
تحقيق : عبد الرحمن غزالي
صحيفة ألوان