وقصة المرأة العجوز التي كانت لا تفوت الاستماع لنشرة الأخبار التي تعقبها إذاعة أسماء المتوفين فإن لم تسمع من بينهم اسما تعرفه لوحت بيديها عن سخط، وقالت (ما فيها حاجة).. هذه القصة أفضل مدخل ندخل به لما نريد قوله عن (أمنيات) البعض بن يكون هناك شيء يعكر صفو الأمن الذي يعيش فيه الناس في معظم أنحاء الوطن.
لا يأتي يوم إلا وخرجت إشاعات عن انفجارات أو جرائم أو ما شاكل ذلك وما صالح من مجموعات أو أفراد يريدون لهذا الشعب ما يرونه في المحطات الفضائية فإن جاء قريبا من ديارهم أصبحوا فزعين.. إن قطعت الكهرباء فلأن السد قد (ضربوه)، والسد هذا ملك لهذا الشعب، وهذا الوطن يبقى لأجيال لن نكون حاضرين ذاك الزمن بحال من الأحوال (حكاما ومحكومين)، فلماذا ننظر تحت أقدامنا فقط ونعيش أمنيات خائبة هي أماني اليوم باليوم.. لقد دفع مهندس كهربائي حياته ثمنا لأجل أن يعود التيار إلى الجميع فيرضع شهواني واتساب جهاز جواله ليبث إشاعة عن ضرب السد، ولكي يتمكن متابع لمباراة أن يشاهدها، ولكي يخفف السخط عن رجل ينام في مكيفات (الصقط) ومع ذلك يبقي السؤال الملحاح.. هل صحيح في هجوم على أم درمان.. أو تسمم في أم ضواً بان أم هل اغتيل موظف في شيكان فإن قلت له (إشاعات يا عمدة إشاعات) رأيت وجهه مسودا من الحزن وهو كظيم..
وتلك لعمري آفة كبرى ودعوة مستترة مثل الجهيرة التي دعا بها هالكون كما قص القرآن (اللهم باعد بيننا وبين أسفارنا) فإذا بهم في تعب ونصب حتى أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات..
ولا أزال أدعو الله أن يفك عني إدمان هذا المدعو الموبايل وأخوه الكمبيوتر، وإن كان عملي بهما عسى أن يرتد إلي ما فقدته في رقصة (الهياج) هذه كما أنشد حبيبنا الكتيابي قبل عقود في أشعاره (الكشفية) كالتي كتبها لصناديق الاقتراع في انتخابات 1986:
علي الطلاق
مكاء صلاة اليمين عليك
وحج اليسار اليك نفاق
ستكبر ثم تراهم سمانا
ثم يشد عليك الوثاق
والوثاق يشده أيضا من يريدون أن تغلق الكباري بالدم لأجل أن يغيبوا يوما عن العمل فقط لا غير..