حينما حرّض الشيوعيون عام 1970م الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري بواسطة فاروق أو عيسى على ضرب الأنصار في الجزيرة أبا وود نوباوي، كان الشيخ أبو زيد محمد حمزة ورئيس جماعة أنصار السنة حينها الراحل الشيخ محمد هاشم الهدية من ضمن من تعرّضوا للزج بهم في السجن.. فقد وقفا مع هيئة شؤون الأنصار وجناحها السياسي حزب الأمة وقفة قوية ومشرفة، وهم جميعاً يوحدون الصف الإسلامي ضد مرحلة حكم نميري الأولى التي كانت ملوثة بإشرك الشيوعيين. أما الشيخ الهدية فقد سألته السلطات قائلة: «لماذا قلت في منبر خطبة الجمعة لعن الله أبا الحكومة؟!» فأجاب قائلاً.. «أولاً اللعن على منبر خطبة الجمعة لا يجوز .. ثانياً: هل للحكومة أب؟..«الحكومة عندها أبو؟!.. أبوها منو».
أما شيخ أبو زيد فقد قبضت عليه السلطات مع شباب حزب الأمة بزعامة الإمام الهادي عبد الرحمن المهدي. ودخل معه السجن من طلاب جامعة الخرطوم الطالب حينها «علي عثمان محمد طه» طالب القانون بجامعة الخرطوم.. وكان شيخ علي يخدمهما الاثنين شيخ أبو زيد وشيخ الهدية باعتباره ابنهما الصغير. وكان شيخ أبو زيد عدو مرحلة «مايو» الأول لكنه صديق مرحلتها الأخيرة. وفي مرحلة مايو الأخيرة حينما سمع أحد الذين كان ينتقد «شيخ أبو زيد» فهمهم لأحكام الإسلام وجهلهم بحقوق وصفات الله، حينما سمع للتو خبر إعدام محمود محمد طه في قضية الردّة الشهيرة راح يهتف بأعلى صوته :«فضل «أبو زيد.. فضل أبو زيد» أي تبقى لنميري أن يُعدم الشيخ أبو زيد لأنه ينتقد ممارسات بعض الناس.
لكن شيخ أبو زيد كان منتهجاً منهجاً دعوياً وسطياً بين إفراط المغالين والمتطرفين الذين يتخذون من أنفسهم قضاة وبين تفريط الجهلاء الذين يصرفون حقوق وصفات الله إلى غيره أو ينتحلونها ويدّعونها. وهي محصورة ومعروفة.
ومنهج شيخ أبو زيد الدعوي يقوم على الدعوة إلى العمل بمقتضى «لا إله إلا الله» بحيث لا تكون قولاً بلا فعل. وهي إذن محور دعوة جماعة أنصار السنة ومنهج هذه الجماعة ليس غريباً على السودان.. فقد دخل به الصحابة والتابعون إلى دنقلا يقودهم والي مصر سيدنا عبد الله بن أبي السرح في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، فمنهج دعوة أنصار السنة هو نفسه منهج أولئك الرجال مع الفارق طبعاً في كيفية الإجراءات.. فتلك سلطات خلافة، وهذي جماعة تُغيِّر بلسانها وقلبها فقط. والتغيير بالقلب له أثره الدعوى وإن كان أضعف الإيمان.. فهو على الأقل يشكل موقفاً يقلل من نسبة تأييد الباطل إذا لم يتوفر السبيل إلى تغييره. وأفراد جماعة أنصار السنة الآن إذا لم يكن باستطاعتهم محاربة الكثير من العادات الضارة والعبادات غير الصحيحة فامتناعهم عنها في حد ذاته يمثل تقليلاً لممارسها في المجتمع. فانظر الملاين من أنصار السنة داخل وخارج السودان لا يستطيعون محاربة التدخين لكنهم على الأقل لا يتعاطونه.. وكذلك المخدرات والخمور وهذا على سبيل الأمثلة. إذن وجود هذه «الجماعة» في المجتمعات مهم جداً من حيث الإصلاح والفلاح.
وشيخ أبو زيد كان زعيماً محبوباً جداً لهذه الجماعة، وقد اختارته زعيماً لها بالاستفتاء حسب دستورها الطاهر. والآن المطلوب دعوياً في اعتقادي من الدكتور إسماعيل عثمان محمد الماحي رئيس مجموعة المركز العام الدعوية بالسجانة والدكتور عبد الكريم محمد عبد الكريم نائب شيخ أبو زيد قبل وفاة الأخير، أن يجلسا دون ثالث معهما ويتفاكرا في تسوية إدارية لتوحيدة إدارة كل الجماعات الدعوية التي تلتقي في منهج دعوي واحد. وهذه الجماعات هي جماعة أنصار السنة المحمدية التي تزعمها الشيخ أبو زيد دستورياً، ومجموعة السجانة وجمعية الكتاب والسنة، فجميعهم متفقون في منهج دعوي واحد محوره التوعية والإعلام بحقوق وصفات الله وحده لا شريك له فيها، حتى لا ينشغل المجتمع بأوهام وخرافات تقعد به عن التقدم والنهوض. إن الكثير الكثير الآن وقبل الآن من شباب أنصار السنة درسوا في الكليات الممتازة وتخرجوا فيها أطباء ومهندسين وصيادلة.. وكثير منهم درس في الكليات النظرية فتخرجوا محامين واقتصاديين وأساتذة جامعات ومرحلة ثانوية. فهم إذن في المجتمع السوداني يشكلون دعامة للتنمية والخدمات.
فهؤلاء لا ينبغي توزيع نشاطاتهم الدعوية في ثلاث إدارات دعوية، لكن لتكن إدارة واحدة تشمل الرئاسة والأمانة العامة ومجلس الشورى. لتكن إدارة الدعوة السلفية واحدة في جماعة مؤسسات وليس ثلاث إدارات. ولتلغ ما تسمّى اللجنة السياسية للجماعة فهذا تشويه لمنهجها الدعوي.. ومن يريد النشاط السياسي فليذهب إلى حزب الوسط الإسلامي الذي يقوده دكتور يوس الكودة.. فالكودة سلفي أصولي يفهم صحيح المعتقد كما يفهمه أخوانه في الجماعة. وقد كان أميناً للعلاقات الخارجية بجماعة أنصار السنة. الدعوة السلفية مستمرة بإدارة واحدة أو بعشر إدارات، لكن الأفضل توحيد الجهود لاستئناف منهج عبد الله بن أبي السرح وعقبة ابن نافع الدعوي في السودان سريعاً.
غداً نلتقي بإذن الله.