صراع مصالح

:: زعيم كوريا الشمالية، كيم يونج أون، يحكم كما يشاء وليس كما يجب .. ويعشق إصدار (القرارات الإرتجالية)، ولا يبالي ..ألزم سكان كوريا بقصات شعر محددة، وتم توزيعها على صوالين الحلاقة، ومن يتجاوزها إلى قصة أخرى – الحلاق و الزبون – يجازى بالسجن والغرامة.. وبعد أن كان يطلق نار مسدسه الشخصي على خصومه، إبتكر وسيلة إعدام جديدة وأسماها (الإعدام بالكلاب)، أي يتم وضع المحكوم عليه بالإعدام في قفص يضج بالكلاب الجائعة.. وأخيراً، أصدر الزعيم كيم قراراً بعدم إطلاق اسم كيم على مواليد كوريا الشمالية، ليحتفظ الاسم – عنده فقط – بالهيبة والعظمة .. وهكذا دائما، في أي زمان و بأي مكان ..عندما يُغيب القانون وأليات الرقابة والمحاسبة، تحل الغرائب والمتاعب ..!!

:: وهنا أيضاً، نمضي نحو الغرائب والمتاعب ( بخطى سريعة)..وعلى سبيل المثال فقط لاغير، نقرأ ما يلي : (قرار رقم 1، لسنة 2015.. يُسمى هذا القرار قرار إلغاء التفويض الممنوح للسلطة الصحية بولاية الخرطوم.. القرار / يلغي أمر التفويض الممنوح للسلطة الصحية بولاية الخرطوم والخاص بمنح تراخيص المنشأت الصيدلانية والرقابة عليها.. ويمارس المجلس القومي للأدوية والسموم جميع السلطات الممنوحة للسلطة الصحية بولاية الخرطوم.. تسري جميع التراخيص التي تم إصدارها قبل هذا القرار ما لم تلغى أو تعدل ..صدر تحت توقيعي، الأستاذ بحر إدريس أبوقردة، وزير الصحة، رئيس المجلس القومي للأدوية والسموم، 30 إبريل 2015).. !!

:: هذا القرار من علامات الصراع بين وزارتي الصحة ( الإتحادية والولائية)، و المواطن – كعادة – سيدفع ثمن هذا الصراع .. بالدستور ( الحاكم البلد)، ، لكل ولاية سلطة إدارة شئونها بما فيها تراخيص الصيدليات و المتاجر والأسواق و رقابتها، وإدارة الأدوية بوزارة الصحة الولائية هي الجهة المنفذة لسلطة ( تراخيص الصيدليات).. ولكن للأسف، بقانون المجلس القومي للأدوية – تابع لوزارة الصحة الاتحادية – نص يجرد الولايات من سلطة تراخيص الصيدليات بحيث يتغول عليها المجلس القومي للأدوية، وهذا النص مخالف للدستور .. ولأنه مخالف للدستور، وغير منطقي، ظل المجلس القومي للأدوية يفوض الولايات بسلطة (تراخيص الصيدليات).. ولكنه اليوم – بهذا القرار – يلغي التفويض عن ولاية الخرطوم ويتولى أمر تراخيص الصيدليات .. وعليه، فالتفويض كان تفويض من لايملك لمن يستحق (بالدستور)..!!

:: وبعيداً عن (الدستور المنتهك)، يبقى السؤال : لماذا سحب المجلس القومي سلطة تراخيص الصيدليات من ولاية الخرطوم؟..السبب الأول، شرعت ولاية الخرطوم منذ أشهر في إنشاء مجلس ولائي للأدوية بحيث يكون موازياً للمجلس القومي في كل السلطات عدا سلطة تسجيل الأدوية..والسبب الأخر، قبل أشهر كادت ولاية الخرطوم أن تلغي مسافة المائة متر المحددة – في اللائحة المركزية – بين الصيدلية والأخرى..والسبب الثالث – وهذا هو الأهم – هناك شركات أدوية تدعم طرفي الصراع حسب مصالحها.. وعليه، يُخطئ من يظن بأن هذا الصراع من أجل الوطن والمواطن، بل هو ( صراع مصالح)..ومع تأكيد ذلك، نطالب بإحترام الدستور بحيث تمارس كل ولايات السودان سلطة ( تراخيص الصيدليات والرقابة عليها)، أو يجب تعديل الدستور بحيث تكتسب سلطة المجلس القومي – في شأن التراخيص – شرعيتها، ولكن هذا التعديل يُلزم المجلس القومي بإنشاء فرع في كل ولايات السودان .. !!

Exit mobile version