الطريق الثالث: في تحليل ما لحزب الترابي فإن الشعب رفض العنف كخيار للتغيير ولم يقبل إعادة الشرعية للحزب الحاكم.. كمال عمر يشرح: كيف تتكيء استراتيجية “الشعبي” الجديدة على المزاج الشعبي

الزين عثمان يقول كمال عمر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي إن مشروع نداء السودان الذي تطرحه المعارضة ليس بأفضل من مشروع الانتخابات في السعي لتحقيق الاستقرار الوطني. لسان المؤتمر الشعبي يعلن من دار حزبه بالمنشية استمرارهم في مشروع الحوار الوطني باعتباره الطريق الثالث المؤدي لحالة من الاستقرار الوطني في البلاد. ويبني عمر استراتيجية الشعبي الجديد على حسب (المزاج) الشعبي الذي برز أثناء انعقاد الانتخابات الأخيرة بحسب التحليل لحزب الترابي فإن الشعب رفض العنف كخيار للتغيير في وقت لم يقبل فيه إعادة الشرعية للحزب الحاكم بتلك الصورة. المنبر الذي اختار له كمال عمر عنوان مواقف الشعبي عقب الانتخابات لم يأتي فيه أمينه السياسي بالجديد وانخرط عمر في حديث مكرور لجأ فيه لأسلوب (التبرير) بغية الانخراط في عملية الحوار الوطني باعتبار أن المزاج الشعبي العام يتجه نحو الوفاق الوطني، لكن عملية الوفاق الوطني في السودان لا تمضي دون أن تخضع لتبادل الهجوم اللفظي بين القوى السياسية.
هذا الأمر كان من نصيب قوى الإجماع الوطني، فحزب المؤتمر الشعبي يرفض المزايدة على مواقفه والقول باقترابه من المشاركة في الحكومة، يقول إنهم لو أرادوا هذا الأمر لما غادروا السلطة من البداية ولواصلوا كجزء منها. عمر يقول إن الفاتورة التي دفعها الشعبي لم يدفعها أي من التنظيمات السياسية التي تدعي المعارضة الآن؛ فحين كانوا يقاتلون في المعارضة كان السكرتير السياسي الراحل للحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد بمعية الشفيع خضر ينخرطان في اللجنة السياسية للحوار مع المؤتمر الوطني، والأمر ينطبق على حزب المؤتمر السوداني فرئيس الحزب إبراهيم الشيخ كان جزءا أساسيا من كل دعوات رئيس الجمهورية في قصر الضيافة وهو ما يؤكد على الموقف المبدئي لحزبه في ما يتعلق بمسألة مواجهة المؤتمر الوطني.
عمر قال إن حزبه لا يسعى للمشاركة في حكومة انتقالية بل يسعى لإنجاز وضع انتقالي عام في البلاد يدشن مراحل التحول الديمقراطي وإيقاف نزيف الحرب، وهو ما لا يمكن اتيانه إلا من خلال الاستمرار في الحوار الوطني عبر آلية سبعة زائد سبعة. عمر يؤكد أن القوى التي كانت قد غادرت الحوار بناء على موقفها من إقامة الانتخابات أبدت رغبتها في العودة للانخراط فيه، في إشارة لحركة الإصلاح الآن ومنبر السلام العادل.. لكن أمر العودة من عدمها سيتم حسمه في الجمعية العمومية لآلية الحوار في اجتماعها القادم.

الشعبي الذي نجح قبل فترة في تكوين تحالف جديد بإعادة تشكيل الآلية كشف عن احتضان داره لاجتماع ضم أحد عشر حزباً طالبت بضرورة الانخراط في الحوار وفي أقرب فرصة ممكنة. الشعبي طالب الحكومة بإيقاف الحرب وفتح الممرات الإنسانية وتوفير قيم الثقة للحركات المسلحة من أجل العمل على إيجاد تسوية تفتح الباب أمام التحول الديمقراطي. وفي ما يتعلق بالموقف الميداني الأخير للمعارك وتعليقاً على انتصارات القوات المسلحة قال الشعبي: هذه معركة المنتصر فيها خاسر والمكسب الوحيد الذي ينتظره السودانيون هو إيقاف نزيف الدم السوداني المراق الآن وهو أمر يتطلب مجموعة من التنازلات لكن المسؤولية الكبري في هذا الأمر تقع على عاتق الحزب الحاكم باعتبار قدرته على توفير الثقة للمفاوضين، وأعلن الشعبي استعداده للقيام بدور الوسيط لخلق التقارب بين المجموعات السياسية المتناحرة معتبراً أنه لا جديد في الساحة الآن يمكن البناء عليه متسائلاً عن الإضافة التي أنجزها ميثاق نداء السودان.

الأوضاع السياسية الجديدة في البلاد والمتعلقة بحصول الوطني على شرعية دستورية عبر الانتخابات اعتبرها الشعبي تكريس للأزمة السودانية ولن تساهم في إيجاد حلول لها منطلقاً من الموقف الشعبي منها وهو أمر أكد على صحة اتجاههم في مقاطعتها باعتبار أن الأرقام التي تحصلوا عليها تؤكد على الموقف الحقيقي للحزب الحاكم وانفضاض الناس من حوله، وهو انفضاض ينطبق على حراك المعارضة عبر حملة ارحل. وسخر كمال عمر من حضور ندوات المقاطعة التي قال إنها لم تتجاوز المائتي شخص في أفضل أحوالها وهي أمور يجب على الجميع وضعها في حساباته في سبيل إنجاز خطوات التحول السياسي الجديد بالبلاد. يقول عمر: “لم نشارك في الانتخابات من باب أولى ألا نشارك في وضع معلول نتج عنها فلسنا سعاة سلطة كما يحاول البعض تصويرنا وتوحيد السودانيين أولى من توحيد الإسلاميين”. لم ينه عمر حديثه دون أن يتناول بالحديث النظام الخالف مشبهاً إياه بنظام الحكم الذي ساد في المدينة المنورة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. الحديث ربما يعيد للأذهان متعلقات المشروع الحضاري وتشبيهاته فقط أن الأول تم الوصول إليه عبر دبابة الانقلاب بينما يمهد حزب الشيخ طريقه الجديد عبر مؤائد التفاوض والحوار ويقول إن أزمة السودان أكبر من أزمة سبعة زائد سبعة، لكن في نهاية المطاف لم يختلف حديث الشعبي ما بعد الصناديق عن حديثه ما قبل التصويت

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version