أصلاً في كل مرحلة تشكيلة حكومية جديدة يهتم سكان ولاية الخرطوم أكثر بتلقي الاخبار المتسربة قبل إعلان التشكيلة حول بقاء الوالي او تغييره، وهذه المرة بعد أن طرح الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل مطالبه التي تشمل ان يمنحه الحزب الحاكم المحافظ على لقب الفوز «المؤتمر الوطني» منصب والي الخرطوم، فإن هذا قد زاد من التكهنات بتغيير والي الخرطوم الحالي الدكتور عبد الرحمن الخضر وعدم ظهوره في التشكيلة القادمة لمجلس الوزراء باعتباره من دون الولاة عضواً فيه.
لكن اذا كان الوالي الحالي مازال في مرحلة الشباب الثانية وقادراً على ادارة مشكلات الولاية الخدمية والأمنية، وقد صادق على تنفيذ مشروعات تمضي خطاها الآن نحو الاستكمال، فبماذا يمكن أن يأتي وال جديد ولم يأت به الوالي من قبله؟!.. وهل سيوضع منصب والي الخرطوم هذه المرة ضمن المحاصصة التي ستقدمها الحكومة للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل كمكافأة له لمشاركته في الانتخابات او تنفيذاً لبشارة الدكتور نافع علي نافع الذي قال إن من لم يشاركوا في الانتخابات لن يحظوا بمشاركة في الحكومة؟! واذا كان يقصد هنا حزب الأمة القومي بقيادة السيد الصادق المهدي فإن التجديد لابنه (عبد الرحمن) إمام الأنصار المستقبلي يغنيه عن مشاركته هو أو أي أعضاء من حزبه.
وإذا وافق المؤتمر الوطني كصاحب فوز انتخابي كاسح على أن يمنح موقع والي الخرطوم لحزب الميرغني لأنه شارك في الانتخابات (لمجرد هذا السبب) هل سيكون المسؤول التنفيذي الأول الفعال في منصب (نائب الوالي) مثلما كان المقدم يوسف عبد الفتاح محمود هل سيكون من الحزب الحاكم؟! منصب والي الخرطوم لا ينبغي ان يُطرح للمحاصصات الترضوية والإغرائية والاستقطابية.. فعلى والي الخرطوم تقع مسؤولية عظيمة وهو يواجه احتياجات خدمية متزايدة بشكل يومي. ومثل هذه المسؤولية لا يمكن أن يواجهها من يقدمه لهذا المنصب حزب الميرغني على الأقل بعد أن فصل عدداً كبيراً من أهم وأعرق القيادات السياسية مثل الدكتور علي أحمد السيد، فمن سيواجه أزمات تصريف مياه الخريف وشح الدقيق وقطوعات الكهرباء والمياه؟! هل الذين لا يفرقون بين النيل الأبيض والنيل الأزرق؟!
إن دراسة مشكلات ولاية الخرطوم الخدمية في ريفها ومدنها ومخططاتها السكنية الجديدة يصعب استيعابها في فترة وجيزة، ولو كان لا بد من تغيير الوالي الحالي فإن الأنسب بهذا المنطق ليخلفه هو نائبه المهندس الصديق محمد علي الشيخ باعتبار انه نهل من دراسة المشكلات بقدر ما نهل الوالي وهو يتابع عبر التقارير ملفات المشكلات الخدمية. وإذا لم يكن المهندس الصديق الشيخ فهناك بعض الوزراء من اهتم بدراسة الملفات الخدمية مثل وزير التخطيط الاستراتيجي بالولاية حالياً الدكتور عمر باسان، فهو الآن ممسك بملف يمكن أن يؤهله لخلافة الوالي. لكن لا أرى ضرورة تنفيذية أو سياسية الآن لتغيير الوالي عبد الرحمن الخضر حسب متابعته يومياً قراراته وتوجيهاته وافتتاحاته المشروعات الخدمية والأمنية المنجزة.. وآخر هذه المشروعات مشروع النقل النهري (الطولي) خط المنشية الحتانة مروراً بغرب مدينة بحري ذات الكثافة السكانية العالية والمؤسسات العديدة. والمواصلات النهرية لو كانت بناقلات ميكانيكية جيدة طبعاً تبقى أفضل من الاختناقات المرورية التي ستكون هي ورثة هذه الحكومة الولائية السالبة للخليفة. وإذا قمنا بحصر إخفاقات الوالي الحالي في احتياجات خدمية وأمنية كثيرة فإن السؤال هنا هو بماذا يمكن أن يحول خليفته هذه الإخفاقات الى نجاحات خاصة اذا كان الخليفة من الاتحادي الأصل؟!
عبد الرحمن الخضر أكثر الولاة الذين مروا على الولاية وكل ولايات السودان استماعاً للنقد والملاحظات من الإعلاميين وأهل التخصصات في المجالات المختلفة. واذا كان من سيخلفه اقل استماعاً وأضيق شورى منه، فهذا يعني أن الولاية موعودة بمزيد من المشكلات وليس بحلها. لكن مَنْ ستكون مواعين شورته أوسع وأكثر منها عند هذا الوالي؟!
ومن ناحية العدل والإنصاف لا بد أن ننتبه الى أن أي إخفاق يمكن أن يكون بعض أهل الاختصاص والإعلام شركاء فيه. فقد يكون الوالي قد قبل منهم رؤى وتقديرات غير جيدة.. فهو لم يدرس كل العلوم والتخصصات العلمية طبعاً.
غداً نلتقي بإذن الله.