عبدالله إبراهيم علي : ادعُ الله وأنت مبتسم

البعض من الناس يدعون الله ولكنهم يعتقدون أنه لا يستجيب لهم، حين تتأخر الاستجابة، فيدعو البعض بالدعاء، ويقول ماذا فعلتُ لكون الله لا يستجيب، ناسين أن الله هو الرزاق اللطيف بنا، رب العالمين أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، فأين تذهب هذه الدعوات حين ندعو الله؟
إن الدعاءَ له ثلاثة احتمالات، الحالة الأولى أن تصعد الدعوة منك وتذهب إلى الله سبحانه وتعالى ثم تنزل كما دعوت ويستجيب الله دعوتك في وقتها فكما صعدت نزلت، بمعنى أعطني كذا يا الله فيعطيك ما طلبت، والحالة الثانية هي أن تصعد الدعوة إلى فوق ولكنها تلتقي بشيءٍ نازل عليك كان الله قدرَه عليك وأنت لا تعلم فتتصارع مع هذه المصيبة التي كانت في طريقها إليك وأنت تسأل أين الدعوة التي دعوتها لم أرها؟ ناسياً أن دعوتك تتصارع مع مشكلة كانت نازلة عليك وأنت لا تعلم بها فصدها الله عنك، فلا الدعوة استجيبت ولا البلاء نزل عليك، أما الحالة الثالثة فهي أن الدعوة تذهب وتصل ولكنها لا تنزل، فأين ذهبت؟ ستراها يوم القيامة حسنات بإذن الله تُوضع في ميزان حسناتك، حينها تتمنى لو أن دعواتك كلها ما استجيبت ليثقل بها ميزان حسناتك، بمعنى لا دعاء يضيع، إما أن الله يعطيك كما أردت، وإما أن الله سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته يصرف عنك بلاءً عظيماً كان نازلاً عليك، أو أن يدخره الله لك إلى يوم القيامة، والسؤال أي الثلاثة أفضل؟ أن يستجيب الله لك أو يصرف عنك سوءاً أو يدخر الدعاء لك يوم القيامة، والإجابة: سلم أمرك لله فهو الذي يعلم ويعرف مصلحتك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم حيي كريم يستحي من عبيده إذا رفعوا أيديهم إليه أن يردها صفراً).
وقد يدعو البعض وهو عابس وغاضب وكأنه لا يثق بمن يدعوه، فلماذا لا نتأدب مع الله وندعوه ونحن مبتسمين؟ لنحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، ولنلح في الدعاء ولكننا لا نشترط على الله شيئاً.
وتحضرني قصة لفتاةٍ اتصلت على شيخ تشكو عدم استجابة الدعاء برغم أنها كانت تعبد الله وتدعوه بأن تتزوج، وعندما خطب ابن عمها التي كانت تنتظره واحدة غيرها، تركت عبادتها وكرهت حالتها، فقال لها الشيخ: ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ذلك هو الخسران المبين، والحرف هنا الشرط على الله، بمعنى أعطني وأعطيك، فهل هذه هي طريقة التعامل مع الله الكريم؟
كان هناك رجل ينزل خروفاً قد اشتراه، فانفلت الخروف وهرب، وصار الرجل يطارده، حتى دخل الخروف بيت أيتام فقراء، وكانت أم الأيتام تنتظر كل يوم عند الباب لعلها تجد طعاماً أو صدقة عند الباب فتأخذها، وقد اعتاد الجيران فعل ذلك معها، فلما دخل الخروف الباب خرجت أم الأيتام فنظرت فإذا جارهم أبو محمد عند الباب وهو مجهد ومُتعب فقالت له: الله يجعلها صدقة واصلة يا بو محمد، وهي تظن أنه متصدق بهذا الخروف، فما كان منه إلا أن قال: اللهم تقبله مني، وفي اليوم الثاني خرج الرجل ليشتري خروفاً آخر فرأى سيارة تحمل خرفاناً، فاشترى أحسن خروف، وعندما سأل عن سعره، قال له البائع: هذا الخروف مجاناً لأنني نذرتُ إذا كثرت عندي الغنم أن أعطي أول مشترٍ مني خروفاً هدية، فلنحسن الظن ونرضَ بقضاءِ الله.

Exit mobile version