سعيدا بحلوله في المركز الثاني لانتخابات رئاسة الجمهورية قدم رئيس حزب الحقيقة الفيدرالي فضل السيد شعيب التهنئة للفائز بالسباق رئيس المؤتمر الوطني المشير البشير.. فضل السيد الحاصل على ما يزيد عن 79 ألف صوت يفسر السعادة التي ظهرت على محياه بنجاح القوى المشاركة في الانتخابات في الوصول بها إلى بر الأمان، ويؤكد أنها تدشين لضرورات حسم الصراع السياسي باللجوء لخيار الشعب باعتباره الخيار الحاسم. يضيف شعيب بأن مشاركة حزبه في الانتخابات أوضحت لهم مقدراتهم وأكدت على إمكانية صناعة التغيير عبر انتهاج الأساليب السلمية في حسم النزاعات السياسية بالبلاد، معتبراً أن الشعب السوداني قدم درساً بليغاً في كيفية ممارسة حقوقه الدستورية. شعيب السعيد بالوصافة كان سعيداً أيضا بفوز البشير باعتبار أنه جاء عبر خيارات الشعب.
لكن سعادة المؤتمر الوطني المنتصر بدت مختلفة حين تحركت العربات تسبقها أبواق النداء في عدة مدن قبل أن يستقر الفرح في مقام الحزب الحاكم بشارع المطار حين خاطب الرئيس المنتخب بنسبة 94% المشير البشير جماهير حزبه وجماهير الشعب السوداني مقدماً شكره للجميع، لكن فرحة الفوز عند الوطني ترافقها فرحة أخرى حين يقدم الرئيس البشير شكره للمعارضة التي اكتسحتها القوات النظامية وغنمت منها ما يزيد عن المائتين عربة مسلحة وأكمل الرئيس فرحته أمس وسط جنود القوات المسلحة مهنئاً إياهم بالانتصارات التي تحققت. فرحة الحزب الحاكم لم تكن لتقتصر على الرئيس وإنما شملت كافة مكونات وقيادات الحزب الحاصل على أكثر من ثلاثمائة ممثل في البرلمان القادم.
إذن، هي سعادة لها ما يبررها يسميها البعض سعادة استعادة الشرعية التي تمكن الحزب الحاكم من تحديد مسارات الواقع السياسي في البلاد مدعوماً بأصوات الشعب ومحققاً الانتصار على دعوات المعارضة المطالبة بالرحيل ومن قبله بمقاطعة انتخابات الطرف الواحد.
ولم تكن البدلة البيضاء التي ارتداها رئيس مفوضية الانتخابات مختار الأصم في لحظة إعلان النتائج الختامية للاستحقاق الانتخابي، لم تكن سوى تعبيراً عن حالة السعادة التي تقمصته ورفاقه في المفوضية وهم يصلون بالعملية إلى خواتيمها، وهو ما جعل الرجل سعيداً وهو يعلن قائمة الفائزين والخاسرين كما أن الأصم بانتهاء العملية وإعلان نتائجها سيتجاوز حالات الانتقاد الإعلامي والتقريع من قبل قوى المعارضة ومن أصوات النقد التي تأتي اليه من المرشحين ووكلائهم ومن الشكاوى التي لا تنتهي.
وسعادة النهاية التي أحاطت بالأصم لم تكن لتقف عنده وإنما اختارت مكانها هذه المرة في مضارب المعارضة، فقوى الإجماع الوطني مدعومة بقوى نداء السودان لم تخف سعادتها بما اسمتها النهايات الحزينة التي وصل إليها الحزب الحاكم عبر انتخاباته، مصدر سعادة المعارضة كان هو ما قالت إنه نجاح لحملة ارحل واستجابة الشعب السوداني لها فالنسبة التي قدرتها المفوضية بـ46% من جملة المسجلين بدت مرضية لأقصى حد لقوى المقاطعة، ومؤكدة في الوقت نفسه أن نسبة التصويت والإقبال على الانتخابات كانت التعبير الأمثل عن حالة العزلة التي يعيشها الحزب الحاكم على حالة التقاطع بينه والجماهير السودانية التي أكدت في جانب آخر على اقترابها من مواقف القوى المعارضة وعلى دعمها لتوجهاتها في المقاومة السياسية بغية تحقيق التغيير المنشود وقيادة البلاد إلى بر الأمان والاستقرار. وهو ما يعني أن حالة السعادة بفعل الصناديق طالت حتى من يرفضون الاقتراب منها ومقاومة نتائجها وعدم القبول بأي خيارات تتأسس بناء على نتائجها.
حالة الفرح التي ضربت الفائزين في الانتخابات ممن تقدموا تحت صفة (مستقلين) لم تكن لتقف عند محطاتهم بل حتى أعضاء وممثلو الأحزاب السياسية مارسوا حق الفرح بسعادة حصولهم على التكليف من قبل الناخبين واختيارهم لتمثيلهم في البرلمان وتحقيق تطلعاتهم، بينما سادت حالة من السعادة على وجوه الولاة المكلفين وهم يتبارون فيما بينهم بنجاحهم في تحقيق أكبر قدر من تحصيل الأصوات وقيادة الناخبين إلى دوائر الاقتراع ومن ثم إشارتهم بعلامة القبول لرمز الحزب الحاكم الشجرة.
وشجرة السعادة التي تنمو فروعها بنهاية الاستحقاق الانتخابي يتجاوز ظلها الإحاطة بعضوية الحزب الحاكم أو شركاءه في الصندوق، تتجاوز المرشح الخاسر في السباق شعيب فضل السيد وهو الكاسب بتحسس موقعه في الخارطة السياسية السودانية مستقبلاً، كما أن السعادة تحيط بعضوية الحزب الاتحادي الأصل ممن اختاروا خيار المشاركة في العملية الانتخابية وحصولهم على 25 مقعدا في البرلمان القومي.
سعادة المعارضة في نجاح مقاطعتها المفترضة تتكامل وسعادة انتهاء الأمر عند رئيس المفوضية الأصم الذي انتهى إلى ما يريد ونجح في العبور بالعملية إلى بر الأمان دون حدوث اشكاليات أو عنف, لكن حالة سعادة أخرى ضجت بها الأسافير كان سببها هذه المرة انتهاء العملية برمتها وتجاوز إشكالياتها اللوجستية والسياسية وحالات الاعتراض وعودة أجهزة الإعلام لعرض برامجها المعتادة وعودة الخاسرين إلى ممارسة مهنهم أو لمعاودة اغترابهم في المنافي البعيدة, وإن كان الجميع ينتظر سعادة قادمة يطلق عليها السعادة الخارجة من قلب الصناديق، سعادة مدخلها الرئيس هو أن ينفذ المرشحون ما وعدوا به من انتخبوهم وحملوهم إلى الكراسي الوثيرة
اليوم التالي