هذا مطمح كل الوطن العربي وليس منطقة الخليج وحدها بقيادة السعودية في تحالفها لإعادة الشرعية لليمن. إعادة الأمل تعني التنمية التي لن تتحقق بدون الوصول إلى تصحيح الأوضاع وتقليم أظافر المخربين ليتم البناء على أرضية صلبة وسليمة.
عندما قامت ثورة فبراير 2011م باليمن كان أمل الشعب اليمني المغبون هو الانتهاء من حقبة طال مصها لدمائه، ولكن الثورة لم تفرّق بين وطني غيور وبين طائفي مذهبي متسلّق، فركب سفينتها الكلّ. ولم تكن بالطبع كسفينة نوح تحمل كل هذه الأضداد في جوفها، فسرعان ما ضاق الحوثيون وضاقت بهم، نظراً لاختلاف أجندتهم وأغراضهم، فلفظتهم من على ظهرها لتتلقفهم إيران، التي كانت تمدهم بكل المعدات والأسلحة من خلف ستار. ولم يكن بوسع ثوار اليمن غير مقابلة نيران أسلحة الحوثيين حتى تحوّل الدفاع عن الثورة إلى دفاع عن الوطن.
هذه نجاة للشرعية في اليمن تستلزم استذكار قصة سيدنا نوح عليه السلام، بعد نجاته ومن معه من الطوفان العظيم، الذي أباد البشرية جميعاً باستثناء الذين نجوا من صعدوا معه إلى السفينة العملاقة التي اشتهرت باسم سفينة نوح. ظهر حطام السفينة في تركيا على يد أفراد البعثة البريطانية الذي أيدت حقيقته الكتب السماوية وعلماء الجغرافيا والجيولوجيا، كما أكدوا أنّ الطوفان كان عبارة عن حادثة كونية شملت أنحاء الأرض التي لم يكن فيها غير قوم «نوحٍ» آنذاك وهي منطقة الشرق الأوسط الحالية.
تلك الحادثة إن فاتتنا الفرصة لنتفكر بقصتها الأولى في القرآن الكريم، فبقيّتها المحسوسة الآن تدلّل على أنّ كثيراً من الأحداث لا ينبغي قذفها خارج فقه الأزمنة. ليس صدفة أن تكون القصة كلها في منطقة الشرق الأوسط، مهبط الديانات التي زخرت بكثير من الأفعال كرد فعل على استبداد قوم ظالمين. وليس بغريب أن نرى مناطق الصراع الملتهبة في العالم تقع معظمها على خريطة الشرق الأوسط أيضاً، ليس بسبب نظرية المؤامرة، ولكن الأحداث تترى، وتسبب الحيرة بتكرارها مع اختلاف التفاصيل.
الآن يتم الإعلان عن عملية «إعادة الأمل» مواصلة وترقباً لأي عدوان آخر وإنقاذاً لحياة الشعب اليمني.
وإذا رجعنا قليلاً إلى الوراء سيتضح أنّ «إعادة الأمل» بدأت بوقوف المملكة مع اليمن قبل عمليات «عاصفة الحزم»، ومروراً بهذه العملية «إعادة الأمل» التي استبقها الأمر الكريم للملك سلمان بن عبدالعزيز بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن من خلال الأمم المتحدة. ولن تنتهي إلّا بتحقيق عدة أهداف معلنة من أبرزها: سرعة استئناف العملية السياسية، ومواصلة حماية المدنيين، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن مواصلة تسهيل إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني. كما تهدف عملية «إعادة الأمل» إلى التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للمليشيات الحوثية ومن تحالف معها، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج.
ما مقدراه 27 يوماً قضتها القوات المسلحة السعودية بمشاركة قوات دول التحالف في عمليات «عاصفة الحزم» لمنع أي اعتداء على المملكة ودول المنطقة، وقد «تمكنت الطلعات الجوية، التي شارك فيها صقورنا البواسل، مع أشقائهم في دول التحالف، بنجاح، من إزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة، من خلال تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية، التي استولت عليها المليشيات الحوثية والقوات الموالية لـ(علي عبدالله صالح) من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني». كانت وزارة الدفاع السعودية من الشفافية بحيث أنّها أعلنت عن كافة التفاصيل، ليس للداخل فحسب وإنّما لدول المنطقة ومنها المشارك في التحالف. وقد كانت كلها على نفس الدرجة من التهديد وفقاً للقاعدة الإنسانية التي تلخّص التعاضد والتآزر بأنّه إذا اشتكى اليمن جنوباً فستهرع المملكة إلى نجدته كي لا تئن المنطقة حتى العراق شمالاً، وإذا اشتكى الخليج شرقاً، سيتداعى المغرب العربي غرباً وبهذا يكون الدرس الأول الذي قدمه التحالف في مسك ختام عملياته.
mona.a@makkahnp.com