التربية فن وعلم ومهارة، ولكننا في كثير من الأحيان نربي أبناءنا على موروث تربوي خاطئ، أو ردة فعل سريعة أساسها الغضب والعصبية، وتكون النتيجة دمارا تربويا للأبناء لا نشعر به إلا بعد فوات الأوان، وكم من حالة سيئة تربويا رأيتها بسبب الاجتهاد الخاطئ للوالدين، فالتربية علم نتعلمه ومهارة نتدرب عليها وفق منهج سليم وقواعد تربوية ثابتة، ولهذا نزل القرآن الكريم كمنهج تربوي لتزكية النفوس، وجاءت السنة والسيرة النبوية معينة للمربين في التطبيق العملي لعلاج المشاكل التربوية، ثم يأتي من بعد ذلك الخبرات والتجارب الحياتية، ولكن واقعنا التربوي بعيد كل البعد عن هذه المصادر الذهبية الثلاثة للتربية المتميزة، وقد كتبت أحد عشر خطأ تربويا في الغالب يقع فيها الوالدان وهي:
أولا: مراقبة أولادنا الدائمة كمراقبة الكاميرات المعلقة في البنوك، التي تعمل 24 ساعة في الليل والنهار، وهذا ينتج عنه سلبيات تربوية كثيرة، منها عدم الثقة وقلة الاحترام والتلاعب في تنفيذ التوجيهات، والصواب أننا نراقب أبناءنا بين فترة وأخرى، أو أن تكون المراقبة عن بعد.
ثانيا: تدخلنا في كل تفاصيل حياة أبنائنا، في ملابسهم وطعامهم ولعبهم وحتى في ذوقهم، وهذا ينتج عنه شخصية مهزوزة وضعف في اتخاذ القرار، والصواب أننا نترك لهم حرية الاختيار مع التوجيه اللطيف.
ثالثا: إعطاء الاهتمام المبالغ فيه للطفل الوحيد أو المريض مرضا مزمنا، وهذا يؤدي لتمرد الطفل على والديه، وعدم استجابته للتوجيهات والأوامر الوالدية، بالإضافة إلى تكبره وغروره عليهم، وقد رأيت حالات كثيرة من هذا الصنف.
رابعا: إجبار الأطفال الصغار على العبادات بالقوة والشدة، فينفرون من الدين ويكرهونه، وإني أعرف أبا يضرب ابنه البالغ من العمر ست سنوات إذا لم يقم لصلاة الفجر، فصار هذا الولد يصلي أمام والديه فقط، فتحبيب الأبناء بالدين فن ومهارة.
خامسا: نتهم أبناءنا بأخطاء ارتكبوها معتمدين في ذلك على إحساسنا ومشاعرنا، من غير أن نتأكد من صحة ارتكابهم للخطأ، فنستعجل في الاتهام والعقوبة ثم نكتشف أننا مخطئون، وهذا السلوك يهدد الثقة في العلاقة الوالدية ويزيد الكراهية.
سادسا: كبت رغبة أبنائنا في التجربة والاكتشاف، وإني أعرف أما دخلت المطبخ فوجدت ابنتها تعمل الحلوى وقد بعثرت أدوات المطبخ فأمطرتها بوابل من اللوم والانتقادات والصراخ وطردتها من المطبخ، وكان المفروض أن تتحاور معها وتشجعها وتدعم تجربتها.
سابعا: إن بعض الآباء يريدون أن يحققوا في أبنائهم ما عجزوا عن تحقيقه في صغرهم، ولو كان ذلك خلاف رغبتهم وقدراتهم، وإني أعرف أما ضعيفة في اللغة الإنجليزية فعوضت نقصها بأبنائها، واليوم هي نادمة على قرارها لأن أبناءها لا يحسنون قراءة اللغة العربية ولا القرآن الكريم، وأعرف أبا عوض ضعفه في حفظ القرآن بأبنائه، فألزمهم بالحفظ اليومي ولم يراع تفاوت قدراتهم، فكانت النتيجة عكسية، وكره أبناؤه الدين كله.
ثامنا: الحماية الزائدة للأبناء تنتج عنها شخصية خائفة ومترددة وغير ناضجة، ليس لديها طموح وترفض تحمل المسؤولية، بل ويكون من السهل انحرافها للسلوك السيئ، والصواب أن نكون متوازنين مع أبنائنا، من خلال إظهار الحماية وإخفائها بين الحين والآخر، فالأساس في التربية أن يقف الطفل على قدميه بعد زمن، لا أن يكون تحت حماية والديه طوال عمره.
تاسعا: التفرقة في المعاملة بين الصبي والفتاة، وهذه نجدها كثيرا في مجتمعنا على مستوى الصغار والكبار، والصواب المعاملة العادلة بينهم حتى لا نفكك الأسرة، ونزيد من الكراهية بين الإخوان بسبب الاختلاف في الجنس، ونركز على مفهوم «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
عاشرا: التفتيش في ملابس الأبناء والتجسس في هواتفهم وأجهزتهم، فإن ذلك يدمر العلاقة الوالدية ويعدم الثقة بينهما، والصواب أن نستأذنهم قبل التفتيش أو أن نتفق معهم على نظام للتفتيش.
حادي عشر: الاستهتار بمشاعر الأبناء كالتحدث أمام الأهل أو الأصدقاء، مثل: «ابني يتبول بفراشه»، أو «ابني لديه تأتأة في النطق»، وهذا يترك أثرا سلبيا على نفسية الطفل، وقد تزداد حالته أو يعاند والديه منتقما من الفضيحة.
فهذه أحد عشر خطأ تربويا يكثر ارتكابها، ونكرر ما ذكرناه بأن التربية فن ومهارة وعلم.