لو كانت البشرية، تستفيد من أخطائها وخطاياها، وكل تاريخها مع الدم، لما كانت كل هذه الحروب التي يتلظى بها العالم اليوم.
حربان عالميتان، أكلت نيرانها الملايين، وحروب اخرى تدور الآن، تبذر بذور الحرب العالمية الثالثة، والبشر- برغم منظمتهم الاممية وكافة منظماتها- مثل أسرة آل بوربون، تلك التي لا تتعلم شيئا على الإطلاق.
ترى من.. من يعطي هذا العالم عقله، ومن ييقظ فيه ضميرا، ليتنبّه.. ويحقن كل هذه الدموم؟
في إحياء ذكرى الحربين العالميتين، تسيلُ دموع على كل الأنفاس التي ماعادت تتردّد بين النيران، أو في الأنفاق، أو وراء أكياس الرمل، لكن ليست بالدموع وحدها، تُطفأ النيران.
الأن، يستعيدُ العالم، كل كوارث الحرب الاولى. القلوبُ واجفة، والأعين تسيّل دموعا، وأكاليل الورود توضع في مراسم مهيبة، أمام قبور الجنود المجهولين.
أنظروا: إنهم يرفعون قبرا في كل عاصمة، لجند واحد مجهول، لا رفات له على الإطلاق.
أنظروا إلى هذا التقليل، في عدد المجهولين..
أنظروا إلى هذا التكريم للجنود.. ولا تكريم لأي من المدنيين الذين تلظوا بنيران أولئك الجنود المجهولين.
الرصاص أعمى.
هذا هو حال الرصاص، منذ أن حاول أن يفتح عينيه، ويشوف، منذ يوم ولادته المشؤومة.
ماشاف.. ولن ينبغي له بصيص من شوف!
سيظل أعمى، يتخبط في كل ماصنعت يداه، ويداه لا تصنع إلا الدم، والصراخ، والعويل، والأنات، والتأوهات الحرّى.. فيا.. يا لكل من تيتّم، وترمّل.. وكل من فقد فلذة كبد، وكل من تقطّعت منه أطرافا… ويا ، يا لكل نائحة، وأي من صارخ، وأي من أنّ وتأوه.. ويا…. يالأعصاب ملائكة الرحمة، وأعينهم وأكبادهم وقلوبهم، في كل مستشفى ثابت، أو وحدة علاجية ميدانية.. متحركة، والرصاص صراخ وصرير!
يحرقون المخدرات بالأطنان، ولا يبيدون الرصاص الأكثر لعنة.
تلك قاتلة.. وذلك أشد وأوسع فتكا..
فأي منطق هذا.. هذا المنطق العبيط؟
من يجرؤ على إبادة الرصاص، والرصاص الذي يقتل بالجملة، فيه حياة لكل هذه الشركات الكبرى- متعددة الجنسيات- التي تعيش على دم الآخرين.. دمهم المسفوك، في كل حرب أسنان، وكل حرب ضروس؟
تبا للمخدرات، والسموم..
وتبا للرصاص.. تبا تبا لكل هذه الشركات الكبرى!
هم، صنّاع الرصاص، لكأنما إنتابهم- في وخزة ضمير- شئ من يقظة ضمير، وأشياء من الندم، فأسرعوا.. أسرعوا يصنعون رصاصا مطاطيا، والديباجة التجارية: “ هذا الرصاص غير قاتل”!
ياسلااااام.. على اللعب بالألفاظ.. ياسلام!
المطاطي يمكن أن يقتل.. وقد قتل.
ووخزات الضمير، لن تكون هكذا.. ولن تكون في جائزة عالمية تكفيرية لصنع السلام، من نوبل الديناميت، او أي نوبل بارودة وآحدة، أو من مستر كلاشنكوف، أو من شركات الرصاص التي تعيش على دق الطبول.. وتسييل الدم.
لئن يستعيد العالم، ذكرى الحرب الأولى أو الثانية، دون إرادة حقيقة لقرع أجراس السلام الحقيقى، ستظل الحرب- عالمية او إقليمية أو قُطرية أو بين دولتين أو أكثر- تكرر نفسها ، هنا وهناك، طالما أن هذه الشركات المُصنّعة للرصاص، حيّة، تدور ماكيناتها، بالقتل الزوؤام.. وطالما أن هؤلاء السياسيين الشاياطين يشعلونها حروبا لا تبقي ولا تذر!
الرصاص، لا يفله الرصاص..
الرصاص ياسادتي، تفله إرادة السلام.. وتلك إرادة غائبة، في بشرية اليوم، تلك التي هى مثل أسرة آل بوربون التاريخية!