كلمة غير مباحة ومهنة مستباحة

الملاحظة التي تحدثنا عنها قبل أيام أن حوادث العنف والاعتداء الجسدي والطعن والقتل نفسه أصبحت أخبارها ولكثرتها، غير لافتة للانتباه في المجتمع.. صارت أمراً عادياً، وهذا بالضبط ما شعرت به وأنا أتابع ردة فعل البعض في استقبالهم لنبأ تعرض أحد منسوبي الوسط الصحفي لحادثة اعتداء جسدي عنيف وضرب في الرأس بوساطة ملثمين اعتدوا عليه أمام منزله.

ليس بالضرورة أن تكون حادثة الاعتداء على السيد علي حمدان رئيس مجلس إدارة صحيفة المستقلة هي محاولة اغتيال، حتى نتفاعل معها وندينها بما يكفي لكنها تضاف إلى قائمة طويلة من جرائم الاعتداء على الصحافيين، قائمة لم تبدأ بحادثة عثمان ميرغني بل ربما قبلها بكثير.. المحاولات المتكررة في الاعتداء على الراحل أستاذنا محمد طه قبل اغتياله..

وعدد غير قليل من منسوبي الوسط الصحفي في السودان تعرضوا للاعتداء والتهديد بالقتل حتى وصلنا إلى الدرجة التي لم نعد نهتم فيها بالحوادث الأقل بشاعة.. وهذه مصيبة كبيرة أن يكون سقفنا للاهتمام بالحدث مرتبطا بموت المجني عليه وليس مشهد الدماء التي تلطخ ثيابه..!

الأسوأ من كل هذا أن يرتبط مستوى انفعال الصحافة والصحافيين بتلك الحوادث بحسب وزن واسم الصحفي الذي يتعرض للاعتداء، وهذا خلل كبير وخطير يطعن في أشياء عزيزة فينا من بينها الأخلاق..

حادثة الاعتداء على الكاتب والناشر علي حمدان وما قبلها من حوادث لم تفلح السلطات في الوصول إلى الجناة فيها حتى الآن، هذه الحوادث تضع الصحافة في محك خطير وتصنف هذه السنوات العشر الأخيرة بأنها أسوأ السنوات على مستوى حماية الصحافيين ومنسوبي الوسط الصحفي في السودان، وما حدث لعلي حمدان وعثمان ميرغني يمكن أن يحدث لأي صحافي أو كاتب أو ناشر آخر.. أصبحنا نمارس مهنة مستباحة فلا حماية للكلمة ولا لصاحب الكلمة ولا لناشرها أو حتى ساقيها..!

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

Exit mobile version