كشف حزب المؤتمر الشعبي، عن مبادرة يقودها الأمين العام للحزب، حسن عبد الله الترابي، لإنهاء الصراع في اليمن، وأعلن تأييده لمشاركة السودان في تحالف (عاصفة الحزم) بقيادة المملكة العربية السعودية، وبرر تأخر صدور موقف الحزب الرسمي حيال الأحداث هناك لتمكين مؤسسات الحزب من دراسة الوضع قبل الخروج بقرار نهائي. ويقول القيادي بحركة (الإصلاح الآن)، أسامة توفيق، لــ(اليوم التالي)، إن شخصه غير مطلع على تفاصيل مبادرة المؤتمر الشعبي، لكنه أكد أن الصراع في اليمن انتهى فعلياً في أعقاب الاتصالات ما بين الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس الروسي فلادمير بوتين، لافتاً إلى هناك تحركاً دولياً تحت الطاولة أسفر عن إنهاء عاصفة الحزم.
مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الشعبي، بشير آدم رحمة، أعلن في المنبر الدوري لحزبه، عن طرح مبادرة إسلامية عالمية يتزعمها حسن الترابي، لإنهاء الصراع في اليمن، وذلك بإجراء اتصالات، بكل أطراف الصراع هناك، إلى جانب السعودية وإيران. وكانت المملكة العربية السعودية أعلنت مساء (الثلاثاء)، انتهاء العمليات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، وذلك بعد أن شنت على مدى شهر ونيف، طلعات جوية على معاقل الحوثيين المتمردين على الرئيس عبد ربه هادي منصور، والمدعومين من إيران، والرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح.
يقول الصحافي بجريدة (الشرق الأوسط) اللندنية، مصطفى سري، لــ(اليوم التالي)، أمس (الأربعاء)، إن وقف عاصفة الحزم بشكل مُفاجئ قد أربك كل مراقب أو محلل سياسي، وإنه وبحسب بيان المتحدث الرسمي باسم التحالف، فإن العمليات العسكرية سوف تستمر، ولكن من الناحية السياسية فإن الحل تعقد أكثر، لأن العمليات العسكرية في تقديري لم تنته حيث لم يتم حسمها عبر القوات البرية.
وشارك السودان في الحرب على الحوثيين، ضمن تحالف يضم نحو عشر دول على رأسها الإمارات والكويت، وقال الرئيس عمر البشير – وقتها- إن القرار بخوض المعارك ضد الحوثيين اتُّخِذ للدفاع عن المملكة العربية السعودية ضد من أسماها بـ(قوى البغي)، معلناً مشاركة بلاده بطائرات من طراز (سوخوي) كما أعلن استعداده لإرسال كتيبة مشاه حال طلب منه ذلك.
ويشير بشير آدم رحمة، إلى أن الترابي سيستغل خلال مبادرته المعتزمة أيضاً علاقاته بإيران والدول العربية لإنجاح تلك المساعي، التي قال إنها ترمي لتلافي التدخلات الأجنبية، في الشأن العربي، ولفت إلى إن المبادرة لا تكون من السودان فقط ولكن من الدول العربية الإسلامية للالتزام بمخرجات الحوار لإيقاف الحرب، داعياً الدول المشاركة في عاصفة الحزم إلى دعم الوطنيين في اليمن باعتبارهم الأقدر على حسم المعركة لصالح السلام ووحدة اليمن.
ويؤكد مصطفى سري لــ(اليوم التالي)، بأن السودان عبر الحركة الإسلامية بشقيها يريد أن يقول بعد مبادرة الترابي، إن مفاتيح الحل في يده، أولاً: من ناحية مشاركة القوات السودانية في عاصفة الحزم من ناحية عسكرية وكان لذلك أسبابه السياسية والاقتصادية، والخرطوم تريد أن تقول إن هذه المشاركة (دين مؤجل)، أو بلغة السودانيين (قدمت السبت لتجد الأحد)، ومن الناحية السياسية، أن يدخل الترابي في الملف، وهنا يتضح بجلاء أن تحالف الحركة الإسلامية الحاكمة والمعارضة قد استوثق تماماً، وعاد الترابي لجمع الحركة الإسلامية ليصبح هو الحل والعقد، كما أن للترابي والحكومة السودانية روابط كثيرة مع إيران وعلاقات قوية، لكي تؤكد الخرطوم نفيها السابق – على الطريقة الرسمية – أنها ليست لها علاقة مع طهران، لتترك الباب للترابي الذي قال إنه ينطلق من باب (إسلامي). والأمر الثاني: يريد الترابي أن يجد للإسلاميين الذين ترفضهم دول الخليج موضع قدم وعودة جديدة بإعادة التحالف القديم بين الإخوان المسلمين وإيران.
ويشير مسؤول العلاقات الخارجية بالشعبي، بشير آدم رحمة، إلى أن الصراع الدائر في اليمن ليس دينياً، وإنما خلاف سياسي، وقال إن المؤتمر الشعبي يؤيد الحل عبر الحوار لإنهاء الأزمة اليمينة، وعزا رحمة تأخر الإعلان عن موقفهم الرسمي حيال الصراع في اليمن لارتباط الخطوة بصدور قرار من مؤسسات الحزب. لكن مصطفى سري، يوضح أن تحالف الإخوان المسلمين مع إيران بدأ منذ نجاح الثورة الإيرانية، وكان مستمراً، ولكن العلاقة بين إيران وبقية المذاهب السنية، خاصة وأن جماعة الإخوان ترفض وصفها بأنها تتبع مذهبا معينا حيث تقول إنها خرجت للتجديد، بل إن الترابي ظل، يُردد أنه ليس سنيا أو شيعيا وضد هذا التقسيم، ويخلص مصطفى سري في إفادته بسؤال فحواه: هل يمكن أن توافق دول الخليج على مبادرة الترابي؟ أم أن قطر هي من تقف وراء هذه المبادرة لكي تلعب دورا جديدا أو خلق تحالف جديد تحاصر به السعودية والإمارات؟، والتحالف الجديد هو (إيراني، تركي، إخواني، قطري).
وبرزت إلى السطح معلومات مفادها أن عاصفة الحزم أوقفت بعد الوصول إلى تسوية سياسية تم الاتفاق عليها، في العاصمة المصرية القاهرة، حضرته عدة أطراف يمنية وإقليمية ودولية، وتم الاتفاق على نقاط محددة تقوم مقابلها قوات التحالف بتخفيض عدد الضربات الجوية لعاصفة الحزم وتنفيذها فقط في حال قيام الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي صالح بأي تحركات عسكرية. وإيقاف العمليات ليس معناه وقف إطلاق النار، وجاء الاتفاق بعد رضوخ وموافقة جماعة ﺍﻟﺤﻮﺛﻲ وحليفهم علي عبد الله صالح، على قرار مجلس الأمن الأخير بخصوص اليمن والمبادرة العمانية، وأهم ما جاء في الاتفاق: عودة الرئيس الشرعي عبدربة منصور هادي لليمن، انسحاب مليشيات صالح من العاصمة صنعاء ومدينة عدن سيبدأ يوم (الخميس) المقبل، خروج صالح وأفراد عائلته إلى سلطنة عمان وعدم مزاولة أي عمل سياسي، انسحاب الحوثيين في المرحلة الأولى من (عدن وتعز والضالع ولحج وأبين وإب وذمار)، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخيرة للقوات المسلحة المؤيدة للشرعية، على أن يقوم الحوثيون بالانسحاب من محافظات عمران وحجة والعاصمة صنعاء بعد (3) شهور ويتم تسليمها لقوات الأمن والجيش التي ستكون خاضعة لسلطة حكومة الوحدة الوطنية التي سيتم تشكيلها، فضلاً عن انسحاب الحوثيين وقوات صالح من جميع المدن وإلزامهما بإعادة العتاد العسكري للجيش، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت، والتوافق على حكومة جديدة تضم جميع أطياف الشعب اليمني وأحزابه. بالإضافة إلى أن تتحول جماعة الحوثي إلى حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية بطرق شرعية، وعقد مؤتمر دولي للمانحين بهدف مساعدة الاقتصاد اليمني، وتقديم اقتراح بإدخال اليمن ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي.
وفي خضم الصراع الإقليمي والدولي، يطرح زعيم المؤتمر الشعبي، مبادرته لإنهاء الصراع في اليمن، فهل بالإمكان نجاح الخطوة؟ سؤال تجيب عنه محتويات المبادرة، ومدى الاستجابة من كافة الأطراف.
اليوم التالي