الترويكا تنفخ نار الحرب!!

> يجب النظر إلى بيان الترويكا الغربية «الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج» بشأن الانتخابات والتشكيك فيها، على أنه محاولة غربية يائسة لتعويض ما فقد من المخطط التخريبي الذي كان يستهدف البلاد في أمنها واستقرارها، وشعور هذه الدول بفشل فاجع لعجز المعارضة السياسية والحركات المتمردة عن تعويق وتعطيل الانتخابات.
ولم تكن هذه الدول خاصة الولايات المتحدة وصويحباتها، بعيدة عن أعمال القصف وترويع الآمنين قبيل وأثناء عملية الاقتراع في ولاية جنوب كردفان، وكانت تهدف في الأساس وبشكل متسارع إلى وقف العملية الانتخابية ووأدها في مهدها.. وهذه الدول الحاقدة هي من يمول ويدعم ويحفز ويشجع ما تسمى الجبهة الثورية وقوات الحركة الشعبية قطاع الشمال لمواصلة حربها في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور.
> وكانت الخطة بعد أن فشلت المعارضة السياسية مجموعات اليسار والصادق المهدي وتحالف إعلان باريس وأديس وبرلين، في أن تكون البندقية هي الأداة لفرملة الانتخابات والضغط على الحكومة للقبول بتسوية سياسية على غرار الأفكار التي طرحت من قبل، وتشكيل حكومة قومية وفترة انتقالية تمهد لتفكيك الإنقاذ والتغيير من الداخل، ولم تجد هذه الخطة أية بيئة للنجاح لضعف القوى السياسية الداخلية وعدم قدرتها على تحريك الشارع وإقناع الشعب السوداني، وقد سعت الترويكا الغربية عبر سفاراتها وأجهزة مخابراتها طيلة الفترة الماضية إلى تنسيق العمل السياسي المعارض ودفعه بالعمل العسكري من المنطقتين ودارفور، إلا أن كل ذلك باء بالفشل الذريع.
> وقبيل الانتخابات حدد الاتحاد الأوروبي موقفه من مراقبة الانتخابات بغرض عدم إضفاء أية شرعية عليها بالمراقبة، وأوقف الدعم والتمويل من المنظمات والجمعيات والمراكز غير الحكومية التي كانت راغبة في مراقبة الانتخابات، وحتى مركز كارتر في الولايات المتحدة الأمريكية اعتذر بناءً على مواقف موحدة غربياً عن المجيء للمراقبة، مع العلم بأن المركز شارك ببعثة كبيرة بقيادة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مراقبة انتخابات عام 2010م.
> فالموقف الذي اتخذته دول الترويكا الثلاث موقف عدائي من الدرجة الأولى، وليس مجرد بيان تشكيكي في نزاهة وشفافية الانتخابات، فهي تعلم ــ أي الترويكا ــ أن البديل عن الانتخابات كان سيكون الفوضى وعدم الاستقرار، فكيف يمكننا أن نثق ونصدق دولاً تدعي أنها راعية للديمقراطية وتروج لها كنظام حكم لا غنى عنه في تحقيق الرفاه الاجتماعي والمشاركة السياسية وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم والتراضي بين المكونات المجتمعية، كيف نصدقها وهي لا تشجع المعارضين على المشاركة في العملية الانتخابية، وتشكك فيها عندما تقام وتنظم وتراقب من المنظمات الإقليمية والدولية، وترسل الرسائل الخاطئة لمن يحملون السلاح والخارجين على القانون لمواصلة حروبهم وقتلهم الأبرياء ومحاولة تقويض نظام الدولة والحكم.
> إنها ليست سياسة الكيل بمكيالين، فهذه قد انتهى عهدها، فالآن صار اللعب بالمكشوف، وليس هناك ما يخفى ويستر وراء الابتسامات الدبلوماسية الباهتة والحوار، فأمريكا التي تحاورنا وتستقبل مساعد رئيس الجمهورية في البيت الأبيض، تنقلب على كل ذلك وتسعى إلى تشجيع العمل المسلح ونشر الحريق في كل السودان وزيادة معاناته وأزماته.
> والشيء المحير الآخر.. أن الجهات الرسمية مثل الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والكوميسا والمنظمات الأخرى ووفود الدول والمنظمات الحقوقية والإعلامية التي جاءت لمراقبة الانتخابات، لا يمكن أن تكون كلها نصيراً للمؤتمر الوطني أو الحكومة السودانية حتى تعلن تقارير إيجابية عن الانتخابات ولم تنتقد فيها ممارسة أو إجراءات!!
> فهل كل هذه الجهات كاذبة مضللة ولا قيمة لها؟ فانتقادات الترويكا الغربية للانتخابات السودانية تعني شيئاً واحداً فقط، هو أن ما صدر عنها هو انتقادات مباشرة لكل الجهات الإقليمية والدولية التي لم تشهد إلا بما رأت وعلمت من انتخاباتنا.. فأي نفاق دولي وتحريض على الفوضى الذي نراه في سلوك الترويكا والاتحاد الأوروبي؟!.. فهؤلاء القوم كذابون لجلاجون يكذبون كما يتنفسون.. يعلمون الحقيقة ويعرفون أن انتخاباتنا تتواءم مع المعايير الدولية، وأن نسبتها أعلى من نسب المشاركة في انتخاباتهم هم وفي ديمقراطيات عريقة.. لكن الأعين لا تبصر عن رمد واستهداف وعداء.

Exit mobile version