وُصف في ما مضى حزب الأمة قبل أن ينقسم إلى عدة كيمان بحزب الإشارة وهذه الإشارة أطلقت عليه لأن معظم منسوبي الحزب في أي انتخابات تقام كانوا يمنحوا أولئك المنتسبين للحزب إشارة التصويت دون الالتفات للوراء عليهم أن يذهبوا إلى كل مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. وهذه الإشارة لم تكن سيئة بل هي التزام بأوامر الحزب وقياداته، ولذلك كان حزب الأمة في كل الانتخابات التي جرت بالسودان كان متوقفاً على الأحزاب الأخرى وبنسب عالية.
اليوم حمل هذه الإشارة حزب المؤتمر الوطني رغم أن الإساءة كانت تأتي إلى حزب الأمة من الإسلاميين باعتبارهم هم الطبقة المستنيرة وهم الطبقة الواعية ويعتقدون أن منسوبي حزب الأمة إما دراويش أو غير متعلمين ولذلك تجئ طاعتهم عمياء لقيادات الحزب وبدون أي مناقشة. الآن حزب المؤتمر الوطني أصبح من أذكى الأحزاب السودانية واستطاع بحنكته وتجاربه أن يحرك منسوبيه إلى أي منطقة من المناطق ليس الذهاب إلى مراكز الاقتراع بل إلى مناطق القتال فلا أحد يتراجع عن تلك الإشارة أو ذلك الأمر.. في انتخابات 2010 التي كان فيها تنافس محموم بينه وبين الأحزاب التي بدأت خوضها قبل الانسحاب استطاع حزب المؤتمر الوطني أن يكتسح الانتخابات بنسبة عالية جداً وكل مرشح كان يحصل على أرقام فلكية إذا تمت مقارنتها مع منافسيه، فمثلاً مرشح المؤتمر الوطني في دائرة من الدوائر تكون حصيلته أكثر من ثلاثين ألف صوت بينما يحصل أقرب منافسيه على ألف صوت أو أقل، فالسر في ذلك أن المؤتمر الوطني كانت يوجه منسوبيه للتصويت لزيد من الناس بغض النظر عن زيد هذا.. فلابد أن يفوز زيد ولذلك فاز كل مرشحي المؤتمر الوطني في انتخابات 2010 بنسب عالية.. أما الآن وفي انتخابات 2015 لم يكن السباق كما كان في انتخابات 2010 فالمنافسة ضعيفة وعدد الأحزاب التي تشارك المؤتمر الوطني أقسمت بالولاء له ولذلك اتفقت مع تلك الأحزاب على تفريغ دوائر بعينها لهم.. بل ربما طلبت من منسوبي المؤتمر الوطني بالتصويت لهذا المرشح إذا كان فعلاً محافظاً على الولاء له، ولذلك كل الذين أفرغت لهم الدوائر حصدوها وبنسب عالية جداً إلا إذا كان الشخص حاول أن يلعب على المؤتمر الوطني وهذا لن يجني إلا السراب لذا نقول إن المؤتمر الوطني استطاع أن يستفيد من تجارب الأحزاب الأخرى في عملية التنظيم والترتيب وحاجات ثانية ولذلك أصبح الحصان الرابح في كل معركة يخوضها بينما تحنطت الأحزاب القديمة في مواقعها ولم تتعلم فنون اللعبة لتكسب الرهان.