(الفرز والعد) المرحلة قبل النهائية للإعلان عن نتائج الانتخابات العامة في البلاد، جاءت مغايرة للتوقعات التي تقول بأن حزب المؤتمر الوطني سيفوز بكل الدوائر الانتخابية في البلاد، حيث سقط الحزب الحاكم في امتحان الشعبية بين المواطنين في (أبوحمد) و(دنقلا)، بفوز المرشحين “مبارك عباس” و”أبو القاسم برطم”، وهو أمر ربما فاجأ الكثير من المراقبين، وربما المؤتمر الوطني نفسه، لأن المرشحين كانا عضوين في الحزب في وقت سابق، وقاما بالترشح في الانتخابات كمستقلين، الأمر الذي كان يرى البعض أنه سيضعف من حظوظهما في الفوز بالانتخابات في الدوائر التي ترشحا لها، بيد أن فوزهما خالف كل التوقعات المؤكدة على فوز المؤتمر الوطني الذي يعتبره المراقبون صاحب النفوذ في تلك المنطقة، ويدفع إلى التساؤل حول حظوظ المرشحين المستقلين الذين خرجوا عن حزب المؤتمر الوطني بالفوز في دوائرهم، وهل يغير ذلك في واقع العملية الانتخابية.
لازال الفرز الأولي لأصوات الناخبين في الانتخابات العامة بالسودان جارياً، حيث أشارت التنائج الأولية التي نشرتها العديد من مراكز الانتخابات في السودان، إلى تقدم المرشح عن الوطني “عمر البشير” على مستوى انتخابات الرئاسة، ونموذج لذلك هو نيله (8057) صوتاً في دائرة البقعة الثالثة بمحلية أمبدة بولاية الخرطوم في (14) مركزاً. ويرى المراقبون أن فوز أو سقوط المؤتمر الوطني في عدد من الدوائر ربما لن يؤثر على النتيجة النهائية التي يتوقع أن يفوز فيها مكتسحاً كل الخصوم المرشحين.
بعض المراقبين يرون أن فوز بعض المرشحين على المؤتمر الوطني في بعض الدوائر، جاء بطريقة مبرمة أو محسومة قبل انطلاق السباق الانتخابي، حيث تنازل المؤتمر الوطني عن (30%) من الدوائر الانتخابية في البلاد للأحزاب وبثقة تامة، تشير إلى أنه متأكد من فوزه واكتساحه للانتخابات في عدد من الدوائر التي ستضمن له الفوز.
أجمعت تقارير تستند على نتائج أولية للفرز في الانتخابات السودانية تكشف تقدم مرشحي حزب المؤتمر الوطني على كافة مستويات التنافس الانتخابي، وعلى رأسهم مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية “عمر البشير” بفارق كبير في الأصوات عن منافسيه، حيث كشفت مؤشرات أولية أمس (السبت)، مواصلة مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية المشير “عمر البشير” حصد أصوات الناخبين بكل الدوائر.
المفوضية القومية للانتخابات أكدت أن الانتخابات نزيهة، وأشار رئيسها البروفسور “مختار الأصم” في تصريحات بعد جولات لقيادات المفوضية على المراكز، والوقوف على عمليات الفرز بالخرطوم، أنه لا توجد مخالفات قد تؤثِّر على نزاهة الانتخابات، لافتاً إلى أن العملية الانتخابية سارت كما هو مخطط لها، وأن النتائج ستعلن مباشرة عقب الانتهاء من عمليات العد والفرز في ولايات السودان كافة. وأوضح “الأصم” أن جميع عمليات الفرز، تتم أمام أعين المراقبين ووكلاء الأحزاب ومناديب المرشحين. أما نائب رئيس المفوضية “عبد الله محمد أحمد فقال إن المفوضية وجّهت بتوثيق حضور المراقبين والمناديب ووكلاء الأحزاب أثناء الفرز والعد، وأن المفوضية بريئة من تحمل مسؤولية عدم حضور أية جهة ممثلة لحزب أو مرشح مستقل، باعتبار أنها شدّدت على الجهات ذاتها بأهمية الحضور، لكنه عاد وقال إنه من خلال طواف وفود المفوضية تأكد لهم حضور كافة الجهات المعنية بالعد والفرز.
فوز “مبارك عباس” في الدائرة رقم (1) أبو حمد، وفقاً للنتائج الأولية بمقعده في المجلس الوطني وحصوله على عدد (19825) ألف صوت، في مقابل (12154) لـ”محمد أحمد البرجوب” مرشح المؤتمر الوطني، في واحدة من أكثر الدوائر الانتخابية “سخونة” التي يفقدها المؤتمر الوطني، بالإضافة إلى فقدان مرشحه “بلال عثمان بلال” للدائرة القومية رقم (2) دنقلا التي كسبها منافسه المستقل “أبو القاسم برطم”، أمر أدخل أنصاره في عاصمة الولاية الشمالية في أجواء من الفرح بعد حصر النتائج الأولية بسقوط مرشح الحزب الحاكم، في معركة انتخابية شرسة.
يبدو أن فوز هذين المرشحين في الولاية الشمالية ونهر النيل، سيوقظ آمال بعض المرشحين غير المنتمين للمؤتمر الوطني بالفوز في دوائرهم الانتخابية، ويبدو أن تأثير المؤتمر الوطني على بعض الولايات بدأ يضعف. ويرى بعض المراقبين أن حظوظ الفوز على المستوى التشريعي والقومي بالنسبة للمرشحين أصبح يعتمد على القاعدة الجماهيرية المطلقة في عدد من ولايات السودان، خاصة أن بعض المرشحين المستقلين يحظون بمساندة جماهيرية كبيرة في عدد من الولايات، وكما أشارت التوقعات قبل الانتخابات بأن الأجواء الانتخابية في الولايات ستكون ملتهبة نسبة للمنافسة القوية بين المرشحين في عدد من الدوائر.
يبدو أن حديث المنظمات الدولية عن نزاهة الانتخابات وعدم حاجة المؤتمر الوطني لتزويرها باعتبار أنه لا يواجه منافساً قوياً على كافة المستويات الانتخابية، بدأ يظهر أثناء عملية الفرز التي أنتجت فوز عدد من المرشحين المستقلين في بعض الدوائر التي يعتبرها المؤتمر الوطني دوائر إستراتيجية تاريخياً منذ بداية عهد حكومة الإنقاذ، ويمتلك فيها قاعدة جماهيرية، ولكن لازال السباق الانتخابي مستمراً وفي انتظار نتائج الفرز النهائي التي تبقت فيها العديد من الدوائر التي تعتبر من الدوائر المهمة، خاصة ولاية الجزيرة والمراكز الانتخابية في دول المهجر، التي لازالت فيها عملية التصويت جارية في انتظار فرز نتائجها.
المجهر السياسي