بداية أن يفوز المرشح المستقل “مبارك عباس” في دائرة ” أبو حمد” على مرشح المؤتمر الوطني “البرجوب”، وكذلك المرشح “برطم” على القيادي بالوطني “بلال عثمان بلال” في دائرة دنقلا فهذا مما يفيد بنزاهة الانتخابات، ويشير إلى أن الأحزاب فوتت فرصة تاريخية لقيادة (انتفاضة انتخابية)، فمن المؤكد أن “مبارك عباس” وغيره من المستقلين إمكانياتهم المالية والتنظيمية أضعف مما يمكن أن يتوفر لمرشح أحزاب (متحالفة) ومتفقة على إسقاط النظام بالانتخابات، كما اتحدت الأحزاب في شخص المحامي “حسن علي شبو” مرشح (الاتحادي الديمقراطي) في دائرة “الصحافة وجبرة” في العام 1986 ضد مرشح (الجبهة الإسلامية القومية) الدكتور “حسن الترابي”، وقد كان (تآمراً انتخابيا) واضحاً، أن ينسحب جميع المرشحين ليدعموا مرشحاً واحداً هو “شبو” في مواجهة آخر هو “الترابي” بدعوى أن الأخير من (سدنة مايو)، مع أن “الترابي” كان آخر معتقلي (مايو) قبل رحلة الرئيس “نميري” الأخيرة للولايات المتحدة. وفي الانتخابات التي تلت (انتفاضة أبريل) كان للشيوعيين يومها نشيد صاخب يردده كورال حزب الماركسيين العجوز بكثافة في كل مناشطهم: (سدنة ديل ما تصوتولم.. سدنة ديل..) !!
لكن الشعب صوت للسدنة واكتسحت (الجبهة الإسلامية) دوائر الخريجين، كما فاز مرشحوها في بعض الدوائر الجغرافية كدائرة “علي عثمان” الخرطوم شمال ، و “محمد الحسن الأمين” في دائرة الريف الشمالي بأم درمان (الجزيرة إسلانج، السروراب…) ، واكتسحت (الجبهة) دوائر “دنقلا”، فقد فاز الراحل الدكتور “عبد الوهاب عثمان” على المحامي القيادي الاتحادي المعارض الأستاذ “علي محمود حسنين” كما تجاوز رجل الاقتصاد “حسن ساتي” منافسيه من الأحزاب الأخرى، وفاز الراحل “أحمد علي الإمام” على منافسه “بدوي الخير إدريس” عن حزب الأمة، وتمر الأيام والسنين ويصبح “بدوي الخير” والياً على الولاية الشمالية وقيادياً منتخباً من جماهير ذات (الجبهة).. المؤتمر الوطني!!
وحلت (الجبهة) في المركز الثالث بعد حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي في انتخابات (86) حيث نالت (53) مقعداً في البرلمان (الجمعية التأسيسية)، ونيفاً وستين دائرة الاتحاديين ونحو مائة دائرة لحزب الأمة.
فوز “مبارك عباس” على “البرجوب”، وبرطم” على “بلال” رسالة سياسية مهمة في كل الاتجاهات.
مبروك للرجلين.
في انتظار فوز المزيد من (المستقلين)، فقد ثبت أنهم يمثلون (القوة الثانية) في البلاد.