انقضت مرحلة الاقتراع في الانتخابات العامة للعام 2015 إلا بعض الدوائر ومراكز الاغتراب، لتبدأ بنهاية يوم أمس مرحلة الفرز وحساب الأصوات، ومع كل الهنات والأخطاء التي صاحبت العملية في كل مراحلها، فإنه يحق للسودانيين – الذين شاركوا والذين قاطعوا – أن يهنئوا أنفسهم على هذا السلوك الحضاري الراقي الذي يشبه شعبنا المعلم الواعي.
الذين قاطعوا لم يخربوا.. لم يفخخوا ولم يفجروا.. بالطبع لا أقصد الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، أو حركات دارفور أو مناصريها داخل بعض المعسكرات، فهؤلاء رسالتهم تعتمد أصلاً على حمل السلاح، وهم ليسوا سياسيين ولم يكونوا، ولذا كان من المتوقع – وقد ذكرنا ذلك في هذه المساحة قبل أسابيع – أن يقصفوا ما تبلغه صواريخهم سواء كان في “كادوقلي” أو “الدلنج” .. ثم ماذا بعد ذلك ؟!!
لا شيء.. فقد مضت الانتخابات، كثر المقترعون أو قلوا، فهي انتخابات كما قلت بالأمس غير مرتبطة بنصاب محدد، تلغى الإجراءات أو تؤجل في حالة عدم اكتماله، ولو كان الأمر كذلك لكان مقبولاً ومعقولاً أن تسعى (المعارضة) لتقويض بلوغ النصاب.
نحتاج أن نهنئ المقاطعين على قلتهم، والمحبطين الزهاجى (غير المنتمين) وهؤلاء هم (حزب الأغلبية)، لأنهم اكتفوا بالصمت، لم يمزقوا لافتات الدعاية الانتخابية للمرشحين، والأهم أنهم لم يمزقوا نسيج الأمن والاستقرار .. والسلم الاجتماعي في بلادنا.
تعلمون ماذا يحدث في بعض بلدان أفريقيا وآسيا من مذابح واغتيالات، وكوارث.. وتفجيرات.. وحرائق في مواسم الانتخابات.. تعرفون كيف انفرط عقد الأمن بعد الانتخابات في مصر، تونس، ليبيا واليمن وما يزال العقد منفرطاً والشعوب تعاني وتعض بنان الندم !!
وتعلمون بلا شك كيف تحولت الانتخابات إلى حملات (إبادة جماعية) متبادلة في “كينيا”، وتسمعون عن التصفيات الجسدية في انتخابات “الهند” و”باكستان” و “بنغلاديش” و دول (الكاريبي) على الضفة الأخرى من العالم.
ولهذا.. أن تخلو انتخابات السودان، غض النظر عن رأينا أو رأيكم أو رأي الاتحاد الأوروبي فيها، نظيفة .. بغير عنف ومقتل المئات وجرح الآلاف كما يحدث في كثير من نواحي المعمورة، والأوربيون يعلمون هذا وذاك، فإنه مما يشرف شعب السودان الحكيم، ويكسبه المزيد من الاحترام والتقدير والتبجيل إقليمياً و دولياً .
إنه حقاً شعب معلم..
انتخابات سعيدة .
(جمعة) مباركة .