لم يكن في الحسبان أن يصل معدل التضخم الذي ارتفع بصورة جنونية في الأعوام السابقة إلى 46% إلى أقل من 30%، وذلك للظروف الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد داخلياً وتضيق الخناق أكثر على الحكومة خارجياً عبر الحظر الاقتصادي الأمريكي المفروض على البلاد، إلا أن العام الجديد بدأت تهل فيه بشريات بانهيار معدل التضخم إلى 28% وسط توقعات بأن يصل إلى أقل من 20%، حيث أعلن جهاز الإحصاء المركزي عن استقرار معدل التضخم خلال شهر مارس الماضي حيث سجَّل 23,2% مقارنة بشهر فبراير الماضي الذي كانت النسبة فيه 23% مقارنة بـ 24% في شهر يناير
ويرى خبراء اقتصاديون أن تعافي نسبة التضخم تحقق بتعافي للاقتصاد الكلي إضافة إلى أن توازن العرض والطلب وانفراج في أسعار السلع الاستهلاكية، وانخفاض الرسوم والضرائب والرسوم على المنتجين لرفع الإنتاج والإنتاجية التي تقود بدورها إلى إنقاذ بعض المصانع التي أعلنت إيقافها على خلفية ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم. بجانب الانخفاض إلى اصلاحات في الاقتصاد القومي وزيادة الإنتاج بجانب كثرة هطول الأمطار الغزيرة أدى إلى زيادة إنتاجية محاصيل كثيرة بجانب زيادة في صادرات البترول، وزيادة معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي أي 3% مما انعكس إيجاباً على معدلات التضخم، واعتبر انخفاض معدلات التضخم بالبداية الطيبة في الإصلاح الاقتصادي. تراجع حجم الاستيراد من الخارج لا سيما المواد الغذائية التي خلفها الزيادة الكبيرة في الانتاج والانتاجيه جعلت من المستوى العام لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية خلال مارس سجل ارتفاعاً طفيفاً قدره ست نقاط مقارنة بشهر فبراير الذي بلغ 480,7. وكشفت عن زيادة في الرقم القياسي لمجموعة الأغذية والمشروبات، حيث بلغ8,9، مؤكدة وجود استقرار ملحوظ في أسعار الألبان والسكر والبيض، وانخفاض في اللحوم والدهون بأنواعها. وكانت اللجنة الاقتصادية بالبرلمان قد توقعت حدوث انخفاض في معدلات التضخم خلال العام 2015م، وذلك نسبة لوضع الدولة برنامجاً محدداً في الموازنة الجديدة، يستهدف إحداث المزيد من الانخفاض في معدلات التضخم، والعمل على استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني.
الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي يقول إن البرنامج الخماسي 2014 -2015م يهدف إلى تحقيق معدلات نمو إيجابية للاقتصاد وتخفيض معدل ارتفاع التضخم ومحاصرة تدهور قيمة العملة الوطنية ، مشيرا الي ان نتائج الاداء الاقتصادي السوداني او السياسات الكلية التي تم تنفيذها في مجمل البرنامج اكدت علي قدرة الاقتصاد السوداني على امتصاص آثار الصعوبات الاقتصادية التي تواجهة، وقال إن معدل التضخم المستهدف في البرنامج الثلاثي هدف إلى تحقيق نسبة 25% بعد انفصال الجنوب، وأرجع ارتفاع التضخم إلى عدة أسباب أجملها في زيادة معدل الكتلة النقدية وارتفاع تكاليف الاستيراد وتدهور سعر الصرف للعملة الوطنية، مؤكداً في الوقت ذاته من محاصرة سعر الصرف في حدود المستهدف إضافة إلى اقتراب الفجوة بين السعر الرسمي والموازي بجانب تحسين حجم الصادرات وزيادة نسبة معدلات النمو خاصة في العام الماضي، لافتاً إلى تقليل المصروفات وزيادة الإنفاق التنموي، وذكر أن نجاح الموسم الزراعي أسهم في زيادة صادرات القمح والقطن وزهرة عباد الشمس والفول السوداني بجانب زيادة صادرات الثروة الحيوانية بكميات وصفها بالممتازة، واعتبر أن ارتفاع إنتاج الذهب بكميات كبيرة وانخفاض أسعار النفط عالمياً عملت على تخفيض مصروفات الدولة والتي سخرتها للصرف على الأسر المحتاجة والبالغة 5 ألف أسرة، واصفاً تخفيض معدلات البطالة تسير بصورة جيدة، فضلاً عن خفض الواردات وإعادة النظر في بعض السياسات للعمل علي جذب الاستثمارات، جازماً بأن أول أهداف البرنامج انخفاض معدل التضخم بمتوسط انخفاض الأسعار خاصة بعد ارتفاع قيمة الجنيه في السوق الموازي والتي تسهم بدورها في خفض الأسعار وتوفر السلع، وتوقع أن يحقق معدل التضخم المستوى المستهدف مستنداً على ذلك بصداقات السودان في مجال العلاقات الخليجية والتي فتحت باب التحويلات، وربط تحقيق رقم أحادي لمعدل التضخم بتطبيق السياسات الموضوعة في البرنامج الخماسي وخفض الإنفاق الحكومي وزيادة الصادرات انخفاض جاء بعد مخاض عسير أسهم فيه نجاح السياسات المالية المتبعة حالياً بجانب الوفرة في الإنتاج والكتلة النقدية الموجودة في البلاد مواصلة انخفاض التضخم يشكل فرصة للبرنامج الخماسي الذي أعلنته الدولة مؤخراً في الموازنة القادمة لبلوغ غاياته.
تقرير: مروة كمال
صحيفة الصيحة