يوم أمس كان يوماً لـ(صمت الناخبين).. صمتت الشوارع ومراكز الاقتراع.. وساعد في ذلك العطلة الرسمية التي أعلنتها الدولة.. وشهدت مراكز في العاصمة والولايات بعض الإشكالات على قلة الناخبين.. وأغلقت مراكز أخرى.. وسقطت بعض أسماء الناخبين الذين يحملون بطاقات الاقتراع في أيديهم.. وتسامر الموظفون العاملون في مراكز الاقتراع وتناولوا طعام الإفطار والغداء وشربوا الشاي والحاجة الباردة.. ونام بعضهم (نوم العافية).. وسجلت قوات الشرطة (حصاراً) لافتاً لمراكز الاقتراع دون أن يعكر صفوهم أي تحركات للمعارضة تحت راية (ارحل) أو الطلاب المشاغبين والعطالة والمعاشيين والمحالين للتقاعد الإجباري.. حتى الفضائيات السودانية لم تكسر جدول برامجها اليومي لتخصص هذا اليوم لنقل مجريات الانتخابات.. وربما كانت (حركة) ذكية وواعية منهم.. فالنقل حينها قد يفسد تصريحات المسؤولين!
المهم شارف اليوم الأول على الانتهاء وحتى كتابة هذا العمود السكون يخيم على الولاية.. حتى ربات المنازل هنا في أمدرمان خرجن متأخرات للتسوق على غير العادة.. أحد المواطنين داعب إحدى السيدات التي حضرت للتسوق قائلاً: (أديتي صوتك وجيتي تتسوقي).. فردت عليه السيدة (منو القال ليك أنا أصلاً عندي صوتي ما راح زمان).. الانتخابات فقدت بريقها وألقها حينما أصبح سباقها بفرس واحد.. وصل خط النهاية أم لم يصل فهو الفائز في كل الأحوال.. الفضائيات الأجنبية لم تحترم النقاب المغطي وجه الانتخابات فأبت الا أن تكشفه واستمرت طيلة صباح أمس في اتصال مع المحللين لنقل المشهد الداخلي لتفاصيل الانتخابات وكل يغني على ليلاه.!
غير أن الحكومة منشغلة أيضاً بالمعارضة وسط هذه الأحداث.. مساعد رئيس الجمهورية البروفسير إبراهيم غندور أبلغ الآلية الأفريقية أنهم عند (وعدهم) بلقاء المعارضة وتفعيل الحوار عقب الانتهاء من الانتخابات.. فهم يعلمون أنهم عائدون حكومة للبلاد لذلك حتى وعودهم بمواصلة الحوار كـ(حكومة) أظهرته تصريحات غندور.. فهل ستظل (صخرة) المعارضة قابعة في موقعها أمام قاعات المفاوضات بعاصمة الحبشة في انتظار عودة الحزب الحاكم..؟؟
وهل سيختلف شكل الحوار مع حكومة تكابد لتنتزع شرعيتها والقبض على زمام الأمور مرة أخرى.. وحكومة قبضت شرعيتها ووضعتها في (جيبها).. وهل سيتم تشكيل أكبر حكومة في تاريخ البلاد بما يرضي المعارضة.. أي بإعطائهم بعض مراكز القرارات المهمة.. بدلاً عن تمثيل ضعيف في البرلمان لا يسمح لنواب المعارضة حتى بالاستئذان لشرب الماء.. أو مناصب وزير دولة ووزير اتحادي (متكول) بوكيل وزارة نافذ من الحزب الحاكم..؟؟
المؤتمر الوطني عائد عائد.. المهم الآن عله يتخطى الظروف التي شغلته طيلة الفترة الماضية عن قضايا البلاد المهمة..(فلم) الانتخابات في مشاهده الأخيرة وشارف على الانتهاء.. وخيال (مآتة) المعارضة لم يعد يخيفه وأصبحت المعارضة في يد الحزب الحاكم يفعل بها ما يشاء.. والشعب وقد نال ثقة الحزب الحاكم فقد كان (هدياً رضيا) وبشرف.. إذاً هل يمكن للحزب الحاكم فعل المعجزات ولعب دور (حكومة الإنقاذ) بحقيقة وصدق وإنقاذ البلاد في الزمن بدل الضائع.. فقط من باب الصدقات على الفقراء والمساكين وإيجاد دولة يحكمها.