انتشرت في الأسافير صورة تحمل معنا احتجاجيا لمسيرة الانتخابات التي تدخلها بلادنا صبيحة الغد.. قطعة من الكرتون معلقة على باب بيت سوداني مكتوب عليها (عفوا أيها المرشح لا تطرق.. سكان هذا البيت مقاطعون للانتخابات).. انتشار الصورة يحمل عددا من الدلالات أقلها عدم اتفاق جموع السودانيين على هذه الانتخابات .
يوم الخميس الماضي نفذت الشرطة السودانية استعراضا للقوة في الخرطوم وذلك استعدادا لمرحلة الانتخابات.. نعم واجب الشرطة أن توفر الأمن للمشاركين في الانتخابات وكذلك المقاطعين للانتخابات.. بمعنى إذا حاول مؤيدون للحزب الحاكم الاعتداء على صاحب المنزل الذي تعتلي بابه كرتونة المقاطعة فعلى الشرطة أن تحميه وتحمي رأيه السياسي الذي حملته قطعة من ورق الكرتون .
مدير الشرطة الفريق هاشم الحسين اتهم جهات سياسية بأنها تحاول منع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم وممارسة حقهم الدستوري.. وكشف الحسين حسب الزميلة ألوان أنهم وضعوا خطة لتوفير الأمن وبث الطمأنينة للناخبين طوال أيام الانتخابات.. أجمل الفريق رأيه في كلمات “نوموا قفا وامشوا مطمئنين لممارسة حقكم”.. مدير شرطة الخرطوم تحدث بلسان سياسي مبين أن الشرطة ستكون يدا باطشة لكل من تسول له نفسه تخريب الانتخابات.
في تقديري أن هنالك خيطا رفيعا بين مسؤولية الشرطة في تأمين الشعب في موسم الانتخابات وتأمين الانتخابات في حد ذاتها.. الشرطة ليست جهازا سياسيا يعمل في إطار تنفيذ رؤية الجهاز التنفيذي ولكن الشرطة مؤسسة قومية مثلها مثل الجيش والهيئة القضائية.. لهذا حينما تصدر الشرطة تحذيرات من شائعات تستهدف مقاطعة الانتخابات هنا تصبح الشرطة طرفا في عملية سياسية مختلف حولها.
حتى تتضح الرؤية ارسل الجيش تعزيزات لولاية جنوب كردفان نهاية الأسبوع الماضي.. استقبل والي جنوب كردفان طلائع الجيش وتحدث عن مهمتهم في الولاية.. قائد القوة بعد ذلك انصرف إلى مهامه ولم يتحدث عن سعيهم لبطش من يعارض الانتخابات.. مثل هذا الحديث يترك للسياسيين وما أكثرهم.
بالطبع الآن الأجهزة الأمنية أعدت نفسها لأيام عمل شاقة في موسم الانتخابات.. ذات الوضع الاستثنائي سيمر على القضائية.. لن يخرج رئيس القضاء ويؤكد أن مؤسسته جاهزة لقطع دابر المقاطعين للانتخابات.
تعتبر الشرطة واحدة من اهم المؤسسات المنوط بها حفظ النظام وسيادة القانون وبسط العدل بين كافة السودانيين.. لهذا الوضع الحساس مطلوب من الشرطة الحذر من دخول الملعب السياسي.. بل مطلوب منها الوقوف على مسافة متساوية من جميع فرقاء الساحة السودانية.
في انتفاضة أبريل تعاملت الشرطة بمهنية في أداء واجبها وفرقت بين حماية الوطن وحماية الاتحاد الاشتراكي.. تقديرا لهذا الموقف تبوأ مدير الشرطة منصب وزير الداخلية في الحكومة الانتقالية.. منصب وزير الداخلية منصبا سياسيا يخضع للنقاش والتراضي بين فرقاء الساحة السياسية.